218

Mukhtaṣar Tafsīr Ibn Kathīr

مختصر تفسير ابن كثير

Publisher

دار القرآن الكريم

Edition Number

السابعة

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ فَأَقْسَامٌ: تَارَةً يَكُونُ الشَّخْصُ مُسْتَطِيعًا بِنَفْسِهِ، وَتَارَةً بِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كتب الأحكام عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَنِ الْحَاجُّ يَا رَسُولَ الله؟ قال: «الشعث التفل» (الشعث: مغبر الشعر متلبده. (التَّفِل): منتن الرائحة) فقال آخَرُ فَقَالَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ الله؟ قال: «العج والثج» (العج رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دم الهدْي) فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَا السَّبِيلُ يَا رَسُولَ الله، قال: «الزاد والراحلة» (رواه الترمذي وابن ماجة) وعن أنَس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سئل عن قول الله ﷿: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ فَقِيلَ: مَا السَّبِيلُ؟ قال: «الزاد والراحلة» (رواه الحاكم وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ له» (رواه الإمام أحمد) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «من أراد الحج فليتعجل» (رواه أحمد وأبو داود) وروى وكيع بن الجراح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سبيلا﴾ قال: «الزاد والبعير».
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، قال ابن عباس: أَيْ وَمَنْ جَحَدَ فَرِيضَةَ الْحَجِّ فَقَدْ كَفَرَ وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْهُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عن عكرمة: لَمَّا نَزَلَتْ: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ قَالَتِ الْيَهُودُ: فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، قَالَ اللَّهُ ﷿ فَاخْصَمْهُمْ فَحَجَّهُمْ يَعْنِي، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ فرض على المسليمن حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، فَقَالُوا: لم يكتب علينا، وأبو أن يحجوا، قال الله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ " عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "من مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً وَلَمْ يَحُجَّ بَيْتَ اللَّهِ فلا يضره مات يهوديًا أو نصرانيًا، وذلك بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا* وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾ " (رواه ابن مردويه وابن جرير) وروى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنَّ أَبْعَثَ رِجَالًا إِلَى هَذِهِ الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جَدَة (أي سعة) فَلَمْ يَحُجَّ، فَيَضْرِبُوا عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ، مَا هُمْ بِمُسْلِمِينَ، مَا هُمْ بِمُسْلِمِينَ).
- ٩٨ - قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ
- ٩٩ - قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
هَذَا تَعْنِيفٌ من الله تعالى للكفرة أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى عِنَادِهِمْ لِلْحَقِّ، وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ الله وصدهم عن سبيل الله مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حق من الله، وقد توعدهم الله على ذلك، وأخبر بأنه شهيد على صنيعهم بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء، ومعاملتهم الرسول المبشر بالتكذيب والجحود والعناد، فأخبر تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ، أَيْ وسيجزيهم على ذلك: ﴿يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ﴾.

1 / 303