159

Mukhtaṣar Tafsīr al-Baghawī al-musammā bi-Maʿālim al-Tanzīl

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Publisher

دار السلام للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ

Publisher Location

الرياض

Genres

﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٦] هذا أمر وإرشاد، وليس بِوَاجِبٍ، أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إِلَى الْيَتِيمِ بَعْدَمَا بَلَغَ لِتَزُولَ عَنْهُ التُّهْمَةُ وَتَنْقَطِعَ الخصومة ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [النساء: ٦] محاسبا ومجازيا وشاهدا.
[قَوْلُهُ تَعَالَى لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ] وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ. . . .
[٧] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ [النساء: ٧] يَعْنِي: لِلذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ وَأَقْرِبَائِهِ (نَصِيبٌ) حَظٌّ ﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ [النساء: ٧] من الميراث، ﴿وَلِلنِّسَاءِ﴾ [النساء: ٧] وللإناث مِنْهُمْ، ﴿نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ﴾ [النساء: ٧] أَيْ مِنَ الْمَالِ، ﴿أَوْ كَثُرَ﴾ [النساء: ٧] منه، ﴿نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ٧] نُصِبَ عَلَى الْقَطْعِ، وَقِيلَ: جَعَلَ ذَلِكَ نَصِيبًا فَأَثْبَتَ لَهُنَّ الْمِيرَاثَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حَتَّى أنزل اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]
[٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ [النساء: ٨] يَعْنِي: قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ، ﴿أُولُو الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٨] الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ، ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ [النساء: ٨] أَيْ: فَارْضَخُوا لَهُمْ مِنَ الْمَالِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، ﴿وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: ٨] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: كَانَتْ هَذِهِ قَبْلَ آيَةِ الْمِيرَاثِ، فجعلت الْمَوَارِيثَ لِأَهْلِهَا، وَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ مَا طَابَتْ به أنفسهم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ: إِنَّ هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، لا على الحتم والإيجاب.
[٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا﴾ [النساء: ٩] أولادا صغارا، ﴿خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٩] الْفَقْرَ، هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ، فَيَقُولُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ، انْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ أَوْلَادَكَ وَوَرَثَتَكَ لَا يُغْنُونَ عَنْكَ شَيْئًا، قَدِّمْ لِنَفْسِكَ، أَعْتِقْ وَتَصَدَّقْ وَأَعْطِ فُلَانَا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى عَامَّةِ مَالِهِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ أَنْ يَنْظُرَ لِوَلَدِهِ وَلَا يَزِيدَ فِي وَصِيَّتِهِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَا يجحف بورثته كما أنه لَوْ كَانَ هَذَا الْقَائِلُ هُوَ الموصي لسره أَنْ يَحُثَّهُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ لِوَلَدِهِ، وَلَا يَدَعَهُمْ عَالَةً مَعَ ضَعْفِهِمْ وَعَجْزِهِمْ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هَذَا الْخِطَابُ لِوُلَاةِ الْيَتَامَى يَقُولُ: مَنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ يتيم فليحسن إليه وليأت فِي حَقِّهِ مَا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ بِذَرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء: ٩] أَيْ: عَدْلًا، وَالسَّدِيدُ: الْعَدْلُ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا دُونَ الثُّلْثِ ويخلف الباقي لورثته.
[١٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠] أي: حَرَامًا بِغَيْرِ حَقٍّ، ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ١٠] أَخْبَرَ عَنْ مَآلِهِ، أَيْ عَاقِبَتُهُ تكون

1 / 167