Mukhtaṣar Tafsīr al-Baghawī al-musammā bi-Maʿālim al-Tanzīl
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Publisher
دار السلام للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٦هـ
Publisher Location
الرياض
Genres
وَالْكَلْبِيُّ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْإِصْرَارَ ضَارٌّ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَمْلِكُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ، وقال الحسن بن الفضل: أَنَّ لَهُمْ رَبًّا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ الْعَفْوُ عَنِ الذُّنُوبِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ إِنِ اسْتَغْفَرُوا غُفِرَ لَهُمْ.
[١٣٦] ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٦]
[١٣٧] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ﴾ [آل عمران: ١٣٧] قَالَ عَطَاءٌ: شَرَائِعُ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَضَتْ لِكُلِّ أُمَّةٍ سُنَّةٌ وَمِنْهَاجٌ إِذَا اتَّبَعُوهَا ﵃، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ بِالْهَلَاكِ فِيمَنْ كَذَّبَ قَبْلَكُمْ، وَقِيلَ: سُنَنٌ أَيْ: أُمَمٌ، والسنة: الأمة، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَهْلُ السُّنَنِ، وَالسُّنَّةُ: الطَّرِيقَةُ الْمُتَّبَعَةُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، يُقَالُ: سَنَّ فُلَانٌ سُنَّةً حَسَنَةً، وَسُنَّةً سَيِّئَةً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا اقتدى به فيه مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: قَدْ مَضَتْ وَسَلَفَتْ مِنِّي سُنَنٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْكَافِرَةِ، بِإِمْهَالِي وَاسْتِدْرَاجِي إِيَّاهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ فِيهِمْ أَجَلِي الَّذِي أَجَّلْتُهُ لِإِهْلَاكِهِمْ، وَإِدَالَةِ أَنْبِيَائِي عَلَيْهِمْ ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٧] أي: آخرنا من الْمُكَذِّبِينَ، وَهَذَا فِي حَرْبِ أُحُدٍ، يَقُولُ اللَّهُ ﷿: فَأَنَا أُمْهِلُهُمْ وَأَسْتَدْرِجُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ أَجَلِي الذي أجلته فِي نُصْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَوْلِيَائِهِ وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِهِ.
[١٣٨] ﴿هَذَا﴾ [آل عمران: ١٣٨] أَيْ: هَذَا الْقُرْآنُ، ﴿بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٨] عامة، ﴿وَهُدًى﴾ [آل عمران: ١٣٨] من الضلالة، ﴿وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٨] خاصة.
[١٣٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] هَذَا حَثٌّ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الْجِهَادِ والصبر عَلَى مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ يَوْمَ أُحُدٍ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا تَهِنُوا) أَيْ: لَا تَضْعُفُوا وَلَا تَجْبُنُوا عَنْ جِهَادِ أَعْدَائِكُمْ بِمَا نَالَكُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ، وَكَانَ قَدْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَقُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ سَبْعُونَ رجلا، ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] أي: على ما فاتكم، ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] بأن يكون لكم العاقبة بالنصر والظفر على أعدائكم، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٣٩] يعني إذا كنتم، أَيْ: لِأَنَّكُمْ مُؤْمِنُونَ، قَالَ ابْنُ عباس ﵄: «انْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الشِّعْبِ فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِخَيْلِ الْمُشْرِكِينَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلُوَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اللهم لا يعلوه عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِكَ، وَثَابَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُمَاةٌ فَصَعِدُوا الْجَبَلَ وَرَمَوْا خيل المشركين حتى هزموها»، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ
1 / 148