Mukhtaṣar Tafsīr al-Baghawī al-musammā bi-Maʿālim al-Tanzīl
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Publisher
دار السلام للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٦هـ
Publisher Location
الرياض
Genres
لَا يَجُوزُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، وَلَيْسَ لحكم الزوج أن يطلق إلا بإذنه، ولا لحكم المرأة أن يخلع على ما لها إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرأي، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ دون رضاهما، فيجوز لحكم الزوج أدن يُطَلِّقَ دُونَ رِضَاهُ وَلِحَكَمِ الْمَرْأَةِ أن يختلع دُونَ رِضَاهَا، إِذَا رَأَيَا الصَّلَاحَ، كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَفْقِ مُرَادِهِمَا، وبه قال مالك.
[٣٦]، قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ٣٦] أَيْ: وَحِّدُوهُ وَأَطِيعُوهُ، ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: ٣٦] عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي يَا مُعَاذُ مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ؟ قَالَ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي يَا مُعَاذُ مَا حَقُّ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ألا يُعَذِّبَهُمْ، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أفلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: دَعْهُمْ يَعْمَلُونَ» . قوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: ٣٦] بِرًّا بِهِمَا وَعَطْفًا عَلَيْهِمَا، ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] أَيْ: أَحْسِنُوا بِذِي الْقُرْبَى، ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦] أَيْ: ذِي الْقَرَابَةِ، ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] أَيِ: الْبَعِيدُ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وبينه قرابة ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦] يعني: الرفيق في السفر، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ وَجَمَاعَةٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالنَّخَعِيُّ: هُوَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الَّذِي يَصْحَبُكَ رَجَاءَ نَفْعِكَ، ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [النساء: ٣٦] قِيلَ: هُوَ الْمُسَافِرُ لِأَنَّهُ مُلَازِمٌ السبيل، والأكثرون: على أنه الضيف، ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٦] أي: المماليك أحسنوا إليهم ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] المختال، المتكبر، والفخور: الذي يفخر عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ تَكَبُّرًا، ذَكَرَ هَذَا بَعْدَمَا ذَكَرَ مِنَ الْحُقُوقِ، لِأَنَّ الْمُتَكَبِّرَ يَمْنَعُ الْحَقَّ تكبرا.
[٣٧]، ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ [النساء: ٣٧] الْبُخْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: مَنْعُ السَّائِلِ مِنْ فَضْلِ مَا لَدَيْهِ، وَفِي الشَّرْعِ: مَنْعُ الْوَاجِب، ﴿وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (بِالْبَخَلِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْخَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ، نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ بَخِلُوا بِبَيَانِ صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وكتموها، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هَذَا فِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ وَابْنُ زَيْدٍ نَزَلَتْ فِي كَرَدْمِ بْنِ زَيْدٍ وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَرِفَاعَةَ بن التابوت وأسامة بْنِ حَبِيبٍ وَنَافِعِ بْنِ أَبِي نافع وبحر بْنِ عَمْرٍو كَانُوا يَأْتُونَ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَيُخَالِطُونَهُمْ فَيَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ وَلَا تَدْرُونَ مَا يَكُونُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] يعني: المال، وقيل: يَبْخَلُونَ بِالصَّدَقَةِ ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧]
[قوله تعالى وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ] وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. . . .
[٣٨] ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء: ٣٨] نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: في المنافقين، وقيل: مشركي مكة المنفقين عَلَى عَدَاوَةِ الرَّسُولِ ﷺ. ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨] صاحبا وخليلا ﴿فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨] أَيْ: فَبِئْسَ الشَّيْطَانُ قَرِينًا وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَقِيلَ: عَلَى القطع بإلغاء الْأَلِفِ وَاللَّامِ كَمَا تَقُولُ: نِعْمَ رجلا عبد الله.
[٣٩]، ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٣٩] أَيْ: مَا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ؟ ﴿لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٣٩]
[٤٠] ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] وَنَظْمُهُ: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ أَيْ: لَا يَبْخَسُ وَلَا يُنْقِصُ أَحَدًا مِنْ ثواب عمله مثقال ذَرَّةٍ، وَالذَّرَّةُ: هِيَ النَّمْلَةُ الْحَمْرَاءُ الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: الذَّرُّ أَجْزَاءُ الْهَبَاءِ في الكون وَكُلُّ
1 / 180