Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

Abdullah Al-Zaid d. Unknown
13

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Publisher

دار السلام للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ

Publisher Location

الرياض

Genres

جمع إنسان، وسمي بِهِ لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ﴾ [طه: ١١٥] وَقِيلَ: لِظُهُورِهِ مِنْ قولهم أَيْ أَبْصَرْتُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُسْتَأْنَسُ به. ﴿وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ٨] أَيْ: بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨] [٩] ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ [البقرة: ٩] أي: يخالفون الله، وأصل الخداع فِي اللُّغَةِ الْإِخْفَاءُ، وَمِنْهُ الْمَخْدَعُ لِلْبَيْتِ الَّذِي يُخْفَى فِيهِ الْمَتَاعُ، فَالْمُخَادِعُ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. وقيل: أصل الخداع: الْفَسَادُ، مَعْنَاهُ: يُفْسِدُونَ مَا أَظْهَرُوا مِنَ الْإِيمَانِ بِمَا أَضْمَرُوا مِنَ الكفر ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٩] أَيْ وَيُخَادِعُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِمْ إِذَا رَأَوْهُمْ آمَنَّا وَهُمْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ. ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩] لِأَنَّ وَبَالَ خِدَاعِهِمْ رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ لأن الله يُطْلِعُ نَبِيَّهُ ﷺ عَلَى نِفَاقِهِمْ فَيُفْتَضَحُونَ فِي الدُّنْيَا وَيَسْتَوْجِبُونَ الْعِقَابَ فِي الْعُقْبَى، ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩] أَيْ: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَنَّ وَبَالَ خِدَاعِهِمْ يَعُودُ عليهم. [١٠] ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠] شَكٌّ وَنِفَاقٌ، وَأَصْلُ الْمَرَضِ الضَّعْفُ، سمي الشك في الدنيا مَرَضًا لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الدِّينَ كَالْمَرَضِ يُضْعِفُ الْبَدَنَ، ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ [البقرة: ١٠] لِأَنَّ الْآيَاتِ كَانَتْ تَنْزِلُ تَتْرَى آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، كُلَّمَا كَفَرُوا بآية ازدادوا كفرًا ونفاقًا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠] مُؤْلِمٌ يَخْلُصُ وَجَعُهُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: ١٠] مَا لِلْمَصْدَرِ، أَيْ: بِتَكْذِيبِهِمُ اللَّهَ ورسوله في السر. [قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا] إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [١١] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ١١] يَعْنِي: لِلْمُنَافِقِينَ، وَقِيلَ: لِلْيَهُودِ، أَيْ: قَالَ لَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ: ﴿لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١١] بِالْكُفْرِ وَتَعْوِيقِ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَالْقُرْآنِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَكْفُرُوا، وَالْكُفْرُ أَشَدُّ فَسَادًا فِي الدِّينِ، ﴿قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١١] يقول هَذَا الْقَوْلَ كَذِبًا كَقَوْلِهِمْ آمَنَّا وهم كاذبون. [١٢] ﴿أَلَا﴾ [البقرة: ١٢] كَلِمَةُ تَنْبِيهٍ يُنَبَّهُ بِهَا الْمُخَاطَبُ، ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ [البقرة: ١٢] أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ، وَالنَّاسَ بِالتَّعْوِيقِ عَنِ الإيمان، ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ١٢] أَيْ: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُفْسِدُونَ، لِأَنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ إِبِطَانِ الْكُفْرِ صَلَاحٌ، وَقِيلَ: لَا يَعْلَمُونَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ. [١٣] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ١٣] أَيْ: لِلْمُنَافِقِينَ، وَقِيلَ: لِلْيَهُودِ: ﴿آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٣] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُ مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: كَمَا آمَنَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٣] أَيِ: الْجُهَّالُ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ النِّفَاقُ مَعَ الْمُجَاهَرَةِ. بِقَوْلِهِمْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ؟ قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُظْهِرُونَ هَذَا الْقَوْلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٣] أنهم كذلك، والسفيه خَفِيفُ الْعَقْلِ رَقِيقُ الْحِلْمِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ سَفِيهٌ أَيْ: رَقِيقٌ، وَقِيلَ: السَّفِيهُ: الْكَذَّابُ الَّذِي يَتَعَمَّدُ بخلاف ما يعلم. [١٤] ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٤] يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ إِذَا لَقُوا المهاجرين والأنصار: ﴿قَالُوا آمَنَّا﴾ [البقرة: ١٤] كإيمانكم ﴿وَإِذَا خَلَوْا﴾ [البقرة: ١٤] رَجَعُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الخلوة، و﴿إِلَى﴾ [البقرة: ١٤] بِمَعْنَى: الْبَاءِ أَيْ: بِشَيَاطِينِهِمْ، وَقِيلَ: إِلَى بِمَعْنَى مَعَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النِّسَاءِ: ٢] أَيْ: مَعَ أموالكم ﴿شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤] أي: رؤسائهم وكهنتهم، وَلَا يَكُونُ كَاهِنٌ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَانٌ تَابِعٌ لَهُ، وَالشَّيْطَانُ: الْمُتَمَرِّدُ الْعَاتِي مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَصْلُهُ الْبُعْدُ، يُقَالُ: بِئْرٌ شُطُونٌ، أَيْ: بَعِيدَةُ الْعُمْقِ، سُمِّيَ الشَّيْطَانُ شَيْطَانًا لِامْتِدَادِهِ فِي الشَّرِّ وَبُعْدِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَى أَصْحَابِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ والمشركين، ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤] أَيْ: عَلَى دِينِكُمْ ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤] بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَأَصْحَابِهِ بِمَا نُظهر مِنَ الْإِسْلَامِ.

1 / 19