228

Mukhtaṣar Ṣifat al-Ṣafwa li-Ibn al-Jawzī

مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى

Genres

Sufism

جاء أبو الربيع الأعرج إلى داود الطائي من واسط ليسمع منه شيئا ويراه. فأقام على بابه ثلاثة أيام لا يصل اليد. قال: وكان إذا سمع الإقامة خرج فإذا سلم الإمام وثب فدخل منزله. قال: فصليت في مسجد آخر ثم جئت

فجلست على بابه فلما جاء ليدخل الدار قلت: ضيف رحمك الله. قال: إن كنت ضيفا فادخل، فدخلت فأقمت عنده ثلاثة أيام لا يكلمني. فلما كان بعد ثلاث قلت: رحمك الله أتيتك من واسط وإني أحببت أن تزودني شيئا. قال: صم الدنيا واجعل فطرك الموت. قلت: زدني رحمك الله. قال: فر من الناس فرارك من الأسد، غير طاعن عليهم، ولا تارك لجماعتهم. قال: فذهبت أستزيده فوثب إلى المحراب وقال: الله أكبر.

عن أبي الربيع الأعرج قال: أتيت داود الطائي، وكان لا يخرج من منزله حتى يقول: قد قامت الصلاة فيخرج فيصلي فإذا سلم الإمام أخذ نعله ودخل منزله. فلما طال ذلك علي أدركته يوما فقلت: يا أبا سليمان على رسلك فوقف لي فقلت له أبا سليمان أوصني قال: اتق الله، وإن كان لك والدان فبرهما. ثم قال: ويحك صم الدنيا واجعل الفطر موتك، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم.

قال عبد الله بن إدريس لداود الطائي: أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس. قلت: زدني. قال: إرض باليسير من الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا مع فساد الدين. قلت: زدني. قال: اجعل الدنيا كيوم صمته ثم أفطرت على الموت.

قال إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على داود الطائي وهو على التراب، فقلت لصاحبي: هذا رجل زاهد.

فقال داود: إنما الزاهد من قدر فترك.

الوليد بن عقبة قال: كان يخبز لداود الطائي ستون رغيفا يعلقها بشريط، يفطر كل ليلة على رغيفين بملح وماء. فأخذ ليلة فطره فجعل ينظر إليه. قال: ومولاة له سوداء تنظر إليه، فقامت فجاءته بشيء من تمر على طبق فأفطر ثم أحيا ليلته وأصبح صائما. فلما جاء وقت الإفطار أخذ رغيفيه وملحا وماء.

Page 230