Mukhtasar Sifat Safwa
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
Genres
قال مولى لعمرو رآني عمرو بن عتبة وأنا مع رجل وهو يقع في آخر، فقال لي: ويلك - ولم يقلها لي قبلها ولا بعدها - نزه سمعك عن استماع الخنا، كما تنزه لسانك عن القول به، فإن المستمع شريك القائل، وإنما نظر إلى شر ما في وعائه فأفرغها في وعائك، ولو ردت كلمة سفيه في فيه لسعد بها رادها كما شقي بها قائلها.
قال مولى عمرو بن عتبة: استيقظنا يوما حارا في ساعة حارة، فطلبنا عمرو بن عتبة فوجدناه في جبل وهو ساجد، وغمامة تظله وكنا نخرج إلى العدو فلا نتحارس، لكثرة صلاته، ورأيته ليلة يصلي فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف. فقلنا له: أما خفت الأسد? فقال: إني لأستحيي من الله أن أخاف شيئا سواه.
كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور فيقول: يا أهل القبور، طويت الصحف، ورفعت الأعمال. ثم يبكي، ثم يصف بين قدميه حتى يصبح فيرجع فيشهد صلاة الصبح.
عن علقمة قال: خرجنا ومعنا مسروق وعمرو بن عتبة ومعضد غازين، فلما بلغنا ماسبذان وأميرها عتبة بن فرقد: قال لنا ابنه عمرو بن عتبة: إنكم إن نزلتم عليه صنع لكم نزلا ولعله أن يظلم فيه أحدا، ولكن إن شئتم قلنا في ظل هذه الشجرة وأكلنا من كسرنا ثم رحنا. ففعلنا وقطع عمرو بن عتبة جبة بيضاء فلبسها وقال: والله إن تحدر الدم على هذه حسن فرمي، فرأيت الدم يتحدر على المكان الذي وضع يده عليه فمات.
عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجنا في جيش فيهم علقمة ويزيد بن معاوية النخعي وعمرو بن عتبة ومعضد. قال: فخرج عمرو بن عتبة وعليه جبة جديدة بيضاء، فقال: فتحدر عليها الدم ثم مات منها فدفناه. ولما أصابه الحجر فشجه جعل يلمسها بيده ويقول: إنها صغيرة وإن الله ليبارك في الصغير.
Page 203