Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Investigator
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا "، «وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَامًا فَذَكَرَ بَدْءَ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ») ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
فَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ مَنْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِهِ وَقَارٌ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَمْسَكَ عَنْ بَيَانِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ بِالصَّوَابِ؟ مَعَاذَ اللَّهِ، بَلْ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَتَمَّ الْبَيَانِ وَأَوْضَحَهُ غَايَةَ الْإِيضَاحِ، وَلَمْ يَدَعْ بَعْدَهُ لِقَائِلٍ مَقَالًا وَلَا لِمُتَأَوِّلٍ تَأْوِيلًا.
ثُمَّ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُهَا وَأَسْبَقُهَا إِلَى كُلِّ خَيْرٍ قَصَّرُوا فِي هَذَا الْبَابِ فَجَفَوْا عَنْهُ أَوْ تَجَاوَزُوا فَغَلَوْا فِيهِ، وَإِنَّمَا ابْتُلِيَ مَنْ خَرَجَ عَنْ مِنْهَاجِهِمْ بِهَذَيْنِ الدَّاءَيْنِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: وَالْحَالُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ فَضَّلُوا طَرِيقَةَ الْخَلَفِ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ طَرِيقَ السَّلَفِ هِيَ مُجَرَّدُ الْإِيمَانِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ وَلَا فَهْمٍ لِمُرَادِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهَا، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨] وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْمُتَأَخِّرِينَ هِيَ اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ، وَصَرْفُهَا عَنْ حَقَائِقِهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَاتِ وَغَرَائِبِ اللُّغَاتِ وَمُسْتَكْرَهَاتِ التَّأْوِيلَاتِ، فَهَذَا الظَّنُّ الْفَاسِدُ أَوْجَبَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ الَّتِي مَضْمُونُهَا نَبْذُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، فَجَمَعُوا بَيْنَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السَّلَفِ وَالْكَذِبِ عَلَيْهِمْ وَبَيْنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ بِتَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صِفَةٌ دَلَّتْ عَلَيْهَا هَذِهِ النُّصُوصُ، فَلَمَّا اعْتَقَدُوا التَّعْطِيلَ وَانْتِفَاءَ الصِّفَاتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَرَأَوْا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنُّصُوصِ مِنْ مَعْنًى بَقَوْا مُتَرَدِّدِينَ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِاللَّفْظِ وَتَفْوِيضِ الْمَعْنَى، وَهَذَا الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ السَّلَفِ
1 / 18