37

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigator

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

لَهُ مَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْمَعَانِي وَأَنْ يَدُلَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ كَانَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى أَمْرَيْنِ: بَيَانِ الْمُتَكَلِّمِ، وَتَمَكُّنِ السَّامِعِ مِنَ الْفَهْمِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْبَيَانُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ حَصَلَ وَلَمْ يَتَمَكَّنِ السَّامِعُ مِنَ الْفَهْمِ، لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُتَكَلِّمُ مُرَادَهُ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مُرَادِهِ وَلَمْ يَعْلَمِ السَّامِعُ مَعَانِيَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْبَيَانُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَكُّنِ السَّامِعِ مِنَ الْفَهْمِ وَحُصُولِ الْإِفْهَامِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ كَلَامِهِ خِلَافَ حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُ لَكَانَ قَدْ كَلَّفَهُ أَنْ يَفْهَمَ مُرَادَهُ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَلْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مُرَادِهِ وَأَرَادَ مِنْهُ فَهْمَ النَّفْيِ لِمَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْإِثْبَاتِ، وَفَهْمَ الشَّيْءِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ضِدِّهِ، وَأَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَفْهَمَ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ إِلَهٌ يُعْبَدُ، وَأَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ وَلَا خَلْفَهُ وَلَا أَمَامَهُ، بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] وَقَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وَأَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ إِفْهَامَ أُمَّتِهِ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: " «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» " وَأَرَادَ إِفْهَامَ كَوْنِهِ خَلَقَ آدَمَ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وَأَرَادَ إِفْهَامَ تَخْرِيبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِعَادَتِهِمَا إِلَى الْعَدَمِ بِقَوْلِهِ: " «يَقْبِضُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ» " وَأَرَادَ إِفْهَامَ مَعْنَى: مَنْ رَبُّكَ وَمَنْ تَعْبُدُ، بِقَوْلِهِ: " أَيْنَ اللَّهُ؟ " وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ إِلَى السَّمَاءِ مُسْتَشْهِدًا بِرَبِّهِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ رَبٌّ وَإِلَهٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إِفْهَامَ السَّامِعِينَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَهُ وَقَوْلَهُمْ، فَأَرَادَ بِالْإِشَارَةِ بِأُصْبُعِهِ بَيَانَ كَوْنِهِ قَدْ سَمِعَ قَوْلَهُمْ، وَأَمْثَالَ ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي يَعْلَمُ السَّامِعُ قَطْعًا أَنَّهَا لَمْ تُرَدْ بِالْخِطَابِ، وَلَا تُجَامِعُ قَصْدَ الْبَيَانِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِيمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ النُّفَاةُ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا

1 / 51