Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Investigator
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
هُوَ هَذَا الْعَالَمُ، أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَالَمَ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِقَوْلِ أَصْحَابِ وَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الْعَالَمِ إِلَهٌ مُبَايِنٌ لَهُ، مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، وَهَذَا أَكْفَرُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ، أَوْ قَائِمًا بِالْعَالَمِ؟ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالْعَالَمِ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ أَوْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَيُّومِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْعَالَمَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، فَذَاتَانِ قَائِمَتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا لَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا دَاخِلَةً فِي الْأُخْرَى، وَلَا خَارِجَةً عَنْهَا وَلَا مُتَّصِلَةً بِهَا وَلَا مُنْفَصِلَةً عَنْهَا وَلَا مُحَايِثَةً وَلَا مُبَايِنَةً وَلَا فَوْقَهَا وَلَا تَحْتَهَا وَلَا خَلْفَهَا وَلَا أَمَامَهَا وَلَا عَنْ يَمِينِهَا وَلَا عَنْ شِمَالِهَا، كَلَامٌ لَهُ خِبْءٌ لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ مُنْصِفٍ، وَالْبَدِيهَةُ الضَّرُورِيَّةُ حَاكِمَةٌ بِاسْتِحَالَةِ هَذَا بَلْ بِاسْتِحَالَةِ تَصَوُّرِهِ فَضْلًا عَنِ التَّصْدِيقِ بِهِ.
قَالُوا: فَنَحْنُ نُطَالِبُكُمْ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ الْوَاحِدِ مِنْ جُمْلَةِ أَلْفِ دَلِيلٍ، وَنَعْلَمُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ أَنَّ كُلَّ الْجَهْمِيِّينَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَوِ اجْتَمَعُوا لَمَا أَجَابُوا عَنْهُ بِغَيْرِ الْمُكَابَرَةِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى أَهْلِ الْإِثْبَاتِ بِالتَّجْسِيمِ وَالسَّبِّ، هَذِهِ وَظِيفَةُ كُلِّ مُبْطِلٍ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى.
[فصل بَيَانِ أَنَّ التَّأْوِيلَ شَرٌّ مِنَ التَّعْطِيلِ]
فَصْلٌ
فِي بَيَانِ أَنَّ التَّأْوِيلَ شَرٌّ مِنَ التَّعْطِيلِ
فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ التَّشْبِيهَ وَالتَّعْطِيلَ وَالتَّلَاعُبَ بِالنُّصُوصِ وَإِسَاءَةَ الظَّنِّ بِهَا، فَإِنَّ الْمُعَطِّلَ وَالْمُؤَوِّلَ قَدِ اشْتَرَكَا فِي نَفْيِ حَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَامْتَازَ الْمُئَوِّلُ بِتَلَاعُبِهِ بِالنُّصُوصِ وَإِسَاءَةِ الظَّنِّ بِهَا وَنِسْبَةِ قَائِلِهَا إِلَى التَّكَلُّمِ بِمَا ظَاهِرُهُ الضَّلَالُ وَالْإِضْلَالُ، فَجَمَعُوا بَيْنَ أَرْبَعَةِ مَحَاذِيرَ: اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَالٌ بَاطِلٌ، فَفَهِمُوا التَّشْبِيهَ أَوَّلًا، ثُمَّ انْتَقَلُوا مِنْهُ إِلَى الْمَحْذُورِ الثَّانِي، وَهُوَ التَّعْطِيلُ، فَعَطَّلُوا حَقَائِقَهَا بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ وَلَا يَلِيقُ بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ. الْمَحْذُورُ الثَّالِثُ: نِسْبَةُ الْمُتَكَلِّمِ الْكَامِلِ الْعِلْمِ، الْكَامِلِ الْبَيَانِ التَّامِّ النُّصْحِ، إِلَى ضِدِّ الْبَيَانِ وَالْهُدَى وَالْإِرْشَادِ، وَأَنَّ الْمُتَحَيِّرِينَ الْمُتَهَوِّكِينَ أَجَادُوا الْعِبَارَةَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعَبَّرُوا بِعِبَارَةٍ لَا تُوهِمُ مِنَ الْبَاطِلِ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُتَكَلِّمِ بِتِلْكَ النُّصُوصِ، وَلَا رَيْبَ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ مِنْهُ أَوْ أَفْصَحَ لِلنَّاسِ. الْمَحْذُورُ الرَّابِعُ: تَلَاعُبُهُمْ بِالنُّصُوصِ وَانْتِهَاكُ حُرُمَاتِهَا. . فَلَوْ رَأَيْتَهَا وَهُمْ يَلُوكُونَهَا بِأَفْوَاهِهِمْ وَقَدْ حَلَّتْ بِهَا الْمَثُلَاتُ، وَتَلَاعَبَ بِهَا أَمْوَاجُ التَّأْوِيلَاتِ، وَنَادَى عَلَيْهَا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي سُوقِ: مَنْ يَزِيدُ،
1 / 49