Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Editor
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
رَآهَا النَّاسُ وَقَالُوا: طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَكَ مَجَازًا عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا جَمِيعُ أَفْرَادِ طُلُوعِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْآتِي فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ عِنْدَكَ هُوَ الْحَقِيقَةُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ مَجَازًا عِنْدَكَ فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْفَاظِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى وَحْدَةٍ وَلَا كَثْرَةٍ وَلَا عُمُومٍ وَلَا خُصُوصٍ، بَلْ هُوَ دَالٌّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْحَقِيقَةِ، فَإِذَا أَرَادُوا تَقْيِيدَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَتَوْا بِمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِمْ.
فَيَأْتُونَ فِي الْمَرْأَةِ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ نَحْوَ ضَرَبَتْ، وَفِي الْمَرْأَتَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ، وَفِي الْجَمْعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ حَقِيقَةٌ، فَدَعَوَاكَ إِنَّ ضَرَبَتْ مَوْضُوعٌ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الضَّرْبِ الْمَوْهُومَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحَصْرِ كَذِبٌ عَلَى اللُّغَةِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعِ الْفِعْلَ كَذَلِكَ الْبَتَّةَ وَلَا أَفَادَتْهُ بِهِ وَلَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَضَعَتِ الْفِعْلَ بِالْإِخْبَارِ عَنْ فِعْلٍ صَدَرَ عَنِ الْفَاعِلِ وَيَصْدُرُ مِنْهُ أَوْ يَطْلُبُهُ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ دَلَالَةَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَالْأَمْرِ عَلَى الْمَصْدَرِ وَاحِدَةٌ، فَلَوْ كَانَ (ضَرَبَتْ) مَوْضُوعًا لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الضَّرْبِ كُلِّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا لَكَانَ الضَّرْبُ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ مَوْضُوعَةُ لَفْظَةِ اضْرِبْ أَوْقَعَ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الضَّرْبِ كُلِّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا الْمَوْهُومَةِ فِي جَمِيعِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَأَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى اللُّغَةِ وَأَوْضَاعِهَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ؟ وَهَذَا أَمْرٌ يَقْطَعُ الْعَاقِلُ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ الْمُتَكَلِّمِ وَلَا السَّامِعِ، وَلَا قَصَدَهَ الْوَاضِعُ أَصْلًا، وَمَنْ نَسَبَ الْأَمْرَ بِهِ إِلَى ذَلِكَ فَقَدْ نَسَبَهُ إِلَى أَعْظَمِ الْجَهْلِ وَالَى الْعَجْزِ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ إِلَى التَّخَلُّصِ مِنَ الْمَجَازِ وَالتَّكَلُّمِ بِالْحَقِيقَةِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا يَقْدِرُ أَنْ يُقَالَ: أَوْقَعَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الضَّرْبِ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْمَضْرُوبِ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَخْلُصْ عِنْدَهُ لِأَنَّ أَوْقَعَ فِعْلٌ وَهُوَ دَالٌّ عِنْدَهُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْإِيقَاعِ فِي الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْأَمْرِ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعْجِيزَ الْخَالِقِ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْحَقِيقَةِ أَمْرًا أَوْ خَبَرًا، فَإِنَّ أَوَامِرَهُ سُبْحَانَهُ كُلَّهَا بِالْأَفْعَالِ وَإِخْبَارَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَخَلْقِهِ عَامَّةٌ بِالْأَفْعَالِ، وَقَدْ صَرَّحَ هَذَا بِأَنَّهَا مَجَازٌ، وَقَدْ عَجَزَ اللَّهُ بِأَنْ يَأْمُرَ بِلَفْظِ الْحَقِيقَةِ أَوْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ بِلَفْظِ حَقِيقَةٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، وَ﴿اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٧٨] وَ﴿آمَنُوا﴾ [البقرة: ٩] وَ﴿وَاسْمَعُوا﴾ [البقرة: ٩٣] وَ﴿وَجَاهَدُوا﴾ [البقرة: ٢١٨] وَ﴿اصْبِرُوا﴾ [آل عمران: ٢٠٠] وَ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٠٣] وَ﴿فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠]
1 / 342