Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Editor
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
تَأَوَّلَهَا أَنَّهُمْ يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا، أَيْ لَا يَذُوقُونَ فِي تِلْكَ الْأَحْقَابِ بَرْدًا وَلَا شَرَابًا: لَا يُفِيدُهُمْ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَأْوِيلِهِ أَنَّهُمْ يَذُوقُونَ الْبَرْدَ وَالشَّرَابَ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْأَحْقَابِ، وَمَتَى ذَاقُوا الْبَرْدَ وَالشَّرَابَ انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ ﷾ يَذْكُرُ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَصِفُهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، وَأَنَّهُ مَا مِنْ نَفَادٍ، يَذْكُرُ عِقَابَ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ يُخْبِرُ مَعَهُ أَنَّهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ أَوْ يُطْلِقُهُ، فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ - خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ - وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٦ - ١٠٨] وَأَمَّا الثَّانِي فَقَوْلُهُ: ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ - جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ - مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ - وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ - هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ - إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ - هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ - جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [ص: ٤٩ - ٥٦] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ [ص: ٦٤] وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مَا قَالَهُ فِي النَّعِيمِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّهُ ﷾ يَذْكُرُ خُلُودَ أَهْلِ النَّعِيمِ فِيهِ، فَيُقَيِّدُهُ بِالتَّأْبِيدِ، وَيَذْكُرُ مَعَهُ خُلُودَ أَهْلِ الْعَذَابِ، فَلَا يُقَيِّدُهُ بِالتَّأْبِيدِ، بَلْ يُطْلِقُهُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ - جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: ٦ - ٨] .
وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣] فَإِنَّ تَأْبِيدَ الْخُلُودِ فِيهَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَبَدِيَّتَهَا وَدَوَامَ بَقَائِهَا، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ، فَالْأَبَدُ اسْتِمْرَارُهُمْ فِيهَا مَا دَامَتْ مَوْجُودَةً، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ: إِنَّهَا بَاقِيَةٌ أَبَدًا، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ.
عَلَى أَنَّ التَّأْبِيدَ قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِيمَا هُوَ مُنْقَطِعٌ، كَقَوْلِهِ عَنِ الْيَهُودِ: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٩٥]
1 / 273