125

Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

فَإِنْ كَانَ تَجْسِيمًا ثُبُوتُ اسْتِوَائِهِ ... عَلَى عَرْشِهِ إِنِّي إِذًا لِمُجَسِّمُ
وَإِنْ كَانَ تَشْبِيهًا ثُبُوتُ صِفَاتِهِ ... فَمِنْ ذَلِكَ التَّشْبِيهِ لَا أَتَكَتَّمُ
وَإِنْ كَانَ تَنْزِيهًا جُحُودُ اسْتِوَائِهِ ... وَأَوْصَافِهِ أَوْ كَوْنِهِ يَتَكَلَّمُ
فَعَنْ ذَلِكَ التَّنْزِيهِ نَزَّهْتُ رَبَّنَا ... بِتَوْفِيقِهِ وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَعْظَمُ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ حَيْثُ فَتَحَ لِلنَّاسِ هَذَا الْبَابَ فِي قَوْلِهِ:
يَا رَاكِبًا قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... وَاهْتِفْ بِقَاعِدِ خَيْفِهَا وَالنَّاهِضِ
إِنْ كَانَ رَفْضًا حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلَانِ أَنِّي رَافِضِي
وَهَذَا كُلُّهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ الْأَوَّلِ:
وَعَيَّرَنِي الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وَذَلِكَ ذَنْبٌ لَسْتُ مِنْهُ أَتُوبُ
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ إِشَارَةً حِسِّيَّةً فَقَدْ أَشَارَ أَعْرَفُ الْخَلْقِ بِهِ بِأُصْبُعِهِ رَافِعًا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ بِمَشْهَدِ الْجَمْعِ الْأَعْظَمِ مُسْتَشْهِدًا لَهُ، لَا لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُقَالُ: أَيْنَ هُوَ؟ فَقَدْ سَأَلَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِهِ بِأَيْنَ، مُنَبِّهًا عَلَى عُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَسَمِعَ السُّؤَالَ بِأَيْنَ، وَأَجَابَ عَنْهُ، وَلَمْ يَقُلْ: هَذَا السُّؤَالُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْجِسْمِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ، وَإِلَى، فَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِهِ، وَعَرَجَ بِرَسُولِهِ إِلَيْهِ، وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَعَبْدُهُ الْمَسِيحُ رُفِعَ إِلَيْهِ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ أَمْرٌ غَيْرُ أَمْرٍ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، جَمِيعًا، مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحَيَاةِ، وَهَذِهِ صِفَاتٌ مُتَمَيِّزَةٌ مُتَغَايِرَةٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُوَ بِالْمَجَانِينِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْعُقَلَاءِ، وَقَدْ قَالَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِهِ: " «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» " وَالْمُسْتَعَاذُ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَاذِ مِنْهُ، وَأَمَّا اسْتِعَاذَتُهُ ﷺ بِهِ مِنْهُ فَبِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفِينَ، فَإِنَّ الصِّفَةَ الْمُسْتَعَاذَ بِهَا وَالصِّفَةَ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهَا صِفَتَانِ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ وَرَبٍّ وَاحِدٍ، فَالْمُسْتَعِيذُ بِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ مِنَ الْأُخْرَى مُسْتَعِيذًا بِالْمَوْصُوفِ بِهِمَا مِنْهُ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَكُونُ فَوْقَ غَيْرِهِ وَمُسْتَوِيًا عَلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ عِبَادِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، كَذَلِكَ إِنْ أَرَدْتُمْ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّرْكِيبِ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الْوَحْيُ وَالْعَقْلُ، فَنَفْيُكُمْ لَهَا بِهَذِهِ الْأَلْقَابِ الْمُنْكَرَةِ خَطَأٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَجِنَايَةٌ عَلَى

1 / 140