121

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigator

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَقُدْرَةٌ، أَوْ سَمْعٌ أَوْ بَصَرٌ، لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا، وَكَانَ مُرَكَّبًا مُؤَلَّفًا، فَسَمَّوْا أَعْظَمَ التَّعْطِيلِ بِأَحْسَنِ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَسَمَّوْا أَصَحَّ الْأَشْيَاءِ وَأَحَقَّهَا بِالثُّبُوتِ، وَهُوَ صِفَاتُ الرَّبِّ، بِأَقْبَحِ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ التَّرْكِيبُ وَالتَّأْلِيفُ، فَتَوَلَّدَ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ الصَّحِيحَةِ لِلْمَعْنَى الْبَاطِلِ جَحْدُ حَقَائِقِ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ، بَلْ وَجَحْدُ مَاهِيَّتِهِ وَذَاتِهِ وَتَكْذِيبُ رُسُلِهِ، وَنَشَأَ مَنْ نَشَأَ عَلَى اصْطِلَاحِهِ مَعَ إِعْرَاضِهِ عَنِ اسْتِفَادَةِ الْهُدَى وَالْحَقِّ مِنَ الْوَحْيِ، فَلَمْ يَعْرِفْ سِوَى الْبَاطِلِ الَّذِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ فَجَعَلُوهُ أَصْلًا لِدِينِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ يُعَارِضُهُ قَالَ: إِذَا تَعَارَضَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ قُدِّمَ الْعَقْلُ. التَّوْحِيدُ الثَّانِي تَوْحِيدُ الْجَهْمِيَّةِ: وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ تَوْحِيدِ الْفَلَاسِفَةِ، وَهُوَ نَفْيُ صِفَاتِ الرَّبِّ كَعِلْمِهِ، وَكَلَامِهِ، وَسَمْعِهِ، وَبَصَرِهِ وَحَيَاتِهِ، وَعُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ وَنَفْيُ وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ، وَقُطْبُ رَحَى هَذَا التَّوْحِيدِ جَحْدُ حَقَائِقِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. التَّوْحِيدُ الثَّالِثُ: تَوْحِيدُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ، وَهُوَ إِخْرَاجُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَنْ تَكُونَ فِعْلًا لَهُمْ، وَأَنْ تَكُونَ وَاقِعَةً بِإِرَادَتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ، بَلْ هِيَ نَفْسُ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ الْفَاعِلُ لَهَا دُونَهُمْ، وَنِسْبَتُهَا إِلَيْهِمْ، فِعْلُهَا يُنَافِي التَّوْحِيدَ عِنْدَهُمْ. الرَّابِعُ: تَوْحِيدُ الْقَائِلِينَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَأَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ، لَيْسَ عِنْدَهُمْ وُجُودَانِ: قَدِيمٌ وَحَادِثٌ، وَخَالِقٌ وَمَخْلُوقٌ، وَوَاجِبٌ وَمُمْكِنٌ، بَلِ الْوُجُودُ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ، وَالَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْخَلْقُ الْمُنَزَّهُ وَالْكُلُّ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ هُوَ الْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ. فَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ سَمَّاهَا أَهْلُ الْبَاطِلِ تَوْحِيدًا وَاعْتَصَمُوا بِالِاسْمِ مِنْ إِنْكَارِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَحْنُ الْمُوَحِّدُونَ؟ وَسَمَّوُا التَّوْحِيدَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ: تَرْكِيبًا وَتَجْسِيمًا وَتَشْبِيهًا، وَجَعَلُوا هَذِهِ الْأَلْقَابَ لَهُمْ سِهَامًا وَسِلَاحًا يُقَاتِلُونَ بِهَا أَهْلَهُ، فَتَتَرَّسُوا بِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ مِنَ الْأَسْمَاءِ الصَّحِيحَةِ وَقَابَلُوهُمْ بِالْأَسْمَاءِ الْبَاطِلَةِ، وَقَدْ قَالَ جَابِرٌ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَيْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «فَأَهَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالتَّوْحِيدِ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»، فَهَذَا تَوْحِيدُ الرَّسُولِ ﷺ الْمُتَضَمِّنُ لِإِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْحَمْدَ، وَلِإِثْبَاتِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا أَنْ يَكُونَ مُنْعِمًا، وَلِإِثْبَاتِ الْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَى وَالْغِنَى وَالْجُودِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ مُلْكِهِ، وَعِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ لَا حَمْدَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا نِعْمَةَ وَلَا مُلْكَ، وَاللَّهُ

1 / 136