149

Mukhtasar Nasih

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

Investigator

أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ السَّلوم

Publisher

دار التوحيد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

دار أهل السنة - الرياض

Genres

Hadith
فوهب له ﵎ أول أسباب النبوءة، وهو الرؤيا الصادقة، التي قَالَ ﵇: إنها جزء من أجزاء النبوءة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح. قَالَ بعض أهل العلم: فكان ذلك ترشيحا له من الله ﷿ للنبوءة، فلما رأى ما وهب الله ﷿ من ذلك فأطلعه به على كثير من الغيوب والإنذارات بما يقع، ويفهمه به على كثير مما يضر وينفع، تحقق طمعه في الإجابة، وقوي رجاءه في استكمال ما ابتدأه به، ورشحه له، فأخلص النية لله ﷿ بالعمل، ومحض له الطوية في التعبد والرغبة والانقطاع إليه، وحبب إليه الخلاء، فكان يتعبد في غار حراء عدد الليالي والأيام، ثم يرجع ويتزود لمثلها، حتى فجئه الحق وأتاه الملك بالوحي من ربه، فقبل الله تعالى عمله، لصحة نيته، ووهب له ما نوى كما أمل ورجا، إجابة لخالص دعواته، والله أعلم حيث يجعل رسالاته (١). فأي معنى أولى بهذه الترجمة من هذا الحديث، وأشد مشاكلة ومطابقة لها عند من فتح الله عليه الفهم، فبحث عن العلم، واقتبس من أهل التقدم، ولقد ينبغي لأهل الطلب والتفقه أن يعرفوا وكيد حاجتهم إلى علم معاني الحديث الصحيح، ووجوه مطابقته للمسائل الصحيحة، المتوفرة بينهم في الفتوى، فيستنبطون منها ما لم يتقدم فيه قولٌ لعالم، ويفرقون منها بين الوهم والصواب من الاختلاف، إذ قد كثر وعورض المتقدم بالمتأخر، ولعله مفسر وقر قوله، وهو لله

(١) وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَا حَكَاه الْمُهَلَّب أيضًا منْ أَنَّ النَّبِيّ ﷺ خَطَبَ بِهِ حِين قَدِمَ الْمَدِينَة مُهَاجِرًا، فَنَاسَبَ إِيرَاده فِي بَدْء الْوَحْي؛ لِأَنَّ الأَحْوَال الَّتِي كَانَتْ قَبْل الْهِجْرَة كَانَتْ كَالْمُقَدِّمَةِ لَهَا لِأَنَّ بِالْهِجْرَةِ اُفْتُتِحَ الْإِذْن فِي قِتَال الْمُشْرِكِينَ، وَيَعْقُبهُ النَّصْر وَالظَّفَر وَالْفَتْح. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا وَجْه حَسَن، إِلَا أَنَّنِي لَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَخَطَبَ بِهِ أَوَّل مَا هَاجَرَ - مَنْقُولًا أهـ.

1 / 154