164

Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

الأمر بالإيتاء في الوقت تنبيها على

الإيتاء في النكاح المطلق. وغاية ما يقال إنهما قراءتان، وكلاهما حق. والأمر بالإيتاء في الاستمتاع إلى أجل مسمى واجب إذا كان ذلك حلالا، وإنما يكون ذلك إذا كان الاستمتاع إلى أجل مسمى حلالا، وهذا كان في أول الإسلام، فليس في الآية ما يدل على أن الاستمتاع بها إلى أجل مسمى حلال، فإنه لم يقل: وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمى، بل قال: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} فهذا يتناول ما وقع من الاستمتاع: سواء كان حلالا، أو كان في وطء شبهة.

ولهذا يجب المهر في النكاح الفاسد بالسنة والاتفاق. والمتمتع إذا اعتقد حل المتعة وفعلها فعليه المهر، وأما الاستمتاع المحرم فلم تتناوله الآية؛ فإنه لو استمتع بالمرأة من غير عقد مع مطاوعتها، لكان زنا، ولا مهر فيه. وإن كانت مستكرهة، ففيه نزاع مشهور.

وأما ما ذكره من نهي عمر عن متعة النساء، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرم متعة النساء بعد الإحلال. هكذا رواه الثقات في الصحيحين وغيرهما عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أنه قال لابن عباس - رضي الله عنه - لما أباح المتعة: إنك امرؤ تائه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم المتعة ولحوم الحمر الأهلية عام خيبر (1) ، رواه عن الزهري أعلم أهل زمانه بالسنة وأحفظهم لها، أئمة الإسلام في زمنهم، مثل مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وغيرهما، ممن اتفق المسلمون على علمهم وعدلهم وحفظهم، ولم يختلف أهل العلم بالحديث في أن هذا حديث صحيح متلقى بالقبول، ليس في أهل العلم من طعن فيه.

وكذلك ثبت في الصحيح أنه حرمها في غزاة الفتح إلى يوم القيامة (2) . وقد تنازع رواة حديث علي - رضي الله عنه -: هل قوله: ((عام خيبر )) توقيت لتحريم الحمر فقط أو له ولتحريم المتعة؟ فالأول قول ابن عيينة وغيره، قالوا: إنما حرمت عام الفتح. ومن قال بالآخر قال: إنها حرمت ثم أحلت ثم حرمت. وادعت طائفة ثالثة أنها أحلت بعد ذلك، ثم حرمت في حجة الوداع.

فالروايات المستفيضة المتواترة متواطئة على أنه حرم المتعة بعد إحلالها. والصواب أنها

Page 169