154

Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition Number

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

ولرسوله، والطاعة له، والرغبة في حفظ دينه وتبليغه، وموالاة من والاه، ومعاداة من عاداه، وصيانته عن الزيادة والنقصان، ما لا يوجد قريب منه لأحد من شيوخ الشيعة. وهذا أمر معلوم بالضرورة لمن عرف هؤلاء وهؤلاء. واعتبر هذا مما تجده في كل زمان من شيوخ السنة

وشيوخ الرافضة ، كمصنف هذا الكتاب، فإنه عند الإمامية أفضلهم في زمانه، بل يقول بعض الناس: ليس في بلاد المشرق أفضل منه في جنس العلوم مطلقا. ومع هذا فكلامه يدل على أنه من أجهل خلق الله بحال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقواله وأعماله، فيروي الكذب الذي يظهر أنه كذب من وجوه كثيرة، فإن كان عالما بأنه كذب، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) وإن كان جاهلا بذلك دل على أنه من أجهل الناس بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قيل:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

(فصل)

</span>

قال الرافضي: ((وما أظن أحدا من المحصلين وقف على هذه المذاهب واختار غير مذهب الإمامية باطنا، وإن كان في الظاهر يصير إلى غيره طلبا لدنيا، حيث وضعت لهم المدارس والربط والأوقاف حتى تستمر لبني العباس الدعوة ويشيدوا للعامة اعتقاد إمامتهم)) .

فيقال: هذا الكلام لا يقوله إلا من هو من أجهل الناس بأحوال أهل السنة، أو من هو من أعظم الناس كذبا وعنادا، وبطلانه ظاهر من وجوه كثيرة؛ فإنه من المعلوم أن السنة كانت قبل أن تبنى المدارس أقوى وأظهر، فإن المدارس إنما بنيت في بغداد في أثناء المائة الخامسة: بنيت النظامية في حدود الستين والأربعمائة، وبنيتا على مذهب واحد من الأئمة الأربعة. والمذاهب الأربعة طبقت المشرق والمغرب، وليس لأحد منهم مدرسة، والمالكية في المغرب لا يذكر عندهم ولد العباس.

ثم السنة كانت قبل دولة بني العباس أظهر منها وأقوى في دولة بني العباس، فإن بني العباس دخل في دولتهم كثير من الشيعة وغيرهم من أهل أبدع. ثم إن أهل السنة متفقون

Page 159