Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya
مختصر منهاج السنة النبوية
Publisher
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Edition Number
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
الذين ما فرقوا دينهم وكانوا شيعا، فالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا خارجون
عن الجماعة قد برأ الله نبيه منهم، فعلم بذلك أن هذا وصف أهل السنة والجماعة، لا وصف الرافضة، وأن هذا الحديث وصف الفرقة الناجية باتباع سنته التي كان عليها هو وأصحابه، وبلزوم جماعة المسلمين.
فإن قيل: فقد قال في الحديث: ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) ، فمن خرج عن تلك الطريقة بعده لم يكن على طريقة الفرقة الناجية، وقد ارتد ناس بعده فليسوا من الفرقة الناجية.
قلنا: نعم وأشهر الناس بالردة خصوم أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأتباعه كمسيلمة الكذاب وأتباعه وغيرهم. وهؤلاء تتولاهم الرافضة كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم، مثل هذا الإمامي وغيره، ويقولون: إنهم كانوا على حق، وأن الصديق قاتلهم بغير حق. ثم من أظهر الناس ردة الغالية الذين حرقهم علي - رضي الله عنه - بالنار لما ادعوا فيه الإلهية وهم السبائية أتباع عبد الله بن سبأ الذين أظهروا سب أبي بكر وعمر.
وأول من ظهر عنه دعوى النبوة من المنتسبين إلى الإسلام المختار بن أبي عبيد وكان من الشيعة، فعلم أن أعظم الناس ردة هم في الشيعة أكثر منهم في سائر الطوائف، ولهذا لا يعرف ردة أسوأ حالا من ردة الغالية كالنصيرية، ومن ردة الإسماعيلية الباطنية ونحوهم، وأشهر الناس بقتال المرتدين هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فلا يكون المرتدون في طائفة أكثر منها في خصوم أبي بكر الصديق، فدل ذلك على أن المرتدين الذين لم يزالوا مرتدين على أعقابهم، هم بالرافضة أولى منهم بأهل السنة والجماعة.
وهذا بين يعرفه كل عاقل يعرف الإسلام وأهله، ولا يستريب أحد أن جنس المرتدين في المنتسبين إلى التشيع أعظم وأفحش كفرا من جنس المرتدين المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة، إن كان فيهم مرتد.
الوجه السادس: أن يقال: هذه الحجة التي احتج بها الطوسي على أن الإمامية هم الفرقة الناجية كذب في وصفها، كما هي باطلة في دلالتها. وذلك أن قوله: ((باينوا جميع المذاهب، وجميع المذاهب قد اشتركت في أصول العقائد))
Page 122