مُخْتَصَرُ مِنْهَاجِ القَاصِدِينْ
تأليف
الإِمَام الشَّيخ أَحمَد بن عبد الرحَّمن بن قَدامَة المَقْدِسي
قدم له
الأستاذ محمد أحمد دهمان
عَلّق عَلَيه
شعَيْب الأرنؤوط - عبد القادر الأرنؤوط
الناشر
مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ
دمشق ص. ب ٢٨٥٤
هاتف ٢٢٩٠٤٥
التوزيع
مؤسسة علوم القرآن للطِباعَةِ وَالنشر
بيروت. ص. ب: ١٥٥١٣٦
دمشق. ص. ب: ٤٦٢٠
1 / 1
دمشق - بيروت
١٣٩٨ هـ - ١٩٧٨ م
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الناشر
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد فهذا كتاب "مختصر منهاج القاصدين" للإِمام العلامة نجم الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عمر بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي اختصره من كتاب "منهاج القاصدين" للإِمام عبد الرحمن بن الجوزي الذي اختصر المنهاج من كتاب "إِحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، فجاء كتابنا هذا مختصرًا للمختصر، وحوى دروسًا رائعة في الأخلاق المقتبسة من كتاب الله ﷿ وسنة رسوله ﵌، ويسر الانتفاع بها لكل من رضي بالله تعالى ربًا وبالإِسلام دينًا وبمحمد ﵌ رسولًا، فهو على صغر حجمه غزير النفع، عميم الفائدة، جليل الأثر، تعاقب على دراسته والافادة منه طلبة العلم قديمًا وحديثًا، ولذا فقد صح مني العزم على طبعه طبعة جديدة تأخذ حظها من التحقيق والضبط بما يتناسب مع مكانته الجليلة، فقد قمت بمقابلته على ثلاثة مخطوطات يملكها الأستاذ الفاضل محمد أحمد دهمان حفظه الله فقد قدمها لنا مشكورًا فقابلتها على مطبوعته من الكتاب التي نشرها أول مرة وعند الانتهاء من المقابلة دفعناه إلى الأستاذين شعيب الأرنؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط، اللذين عرفا بتخصصهما في علوم السنة النبوية الشريفة، فقاما بتعليق حواشيه واقتصرا على بيان الأحاديث الضعيفة وأما الأحاديث الصحيحة فلم يتعرضا لها.
هذا وقد سبق لهذا الكتاب أن طبع قبل طبعتنا هذه ثلاث طبعات الأولى نشرها الأستاذ الشيخ محمد أحمد دهمان عام ١٣٤٧ هـ، والثانية نشرتها مكتبة الشباب المسلم (دار الكتب العربية) بدمشق بالاشتراك مع المكتب الإِسلامي عام ١٣٨٠ هـ،
1 / 3
حيث نظر فيها الشيخ عبد القادر الأرناؤوط. والثالثة نشرها المكتب الإسلامي بدمشق عام ١٣٨٩ هـ بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط. وفي الختام لا يفوتني أن أزجي الشكر لكل من أشرف على تحقيقه وتصحيحه والتعليق عليه راجيًا الله العلي القدير أن يدخر ثواب هذا الكتاب لكل من نظر فيه ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إِلا من أتى الله بقلب سليم، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ولا حول ولا قوة إِلا بالله العزيز الحكيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دمشق في ١ ذي القعدة ١٣٩٨.
بشير عيون
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة بقلم العلامة الشيخ محمد أحمد دهمان
يعد كتاب "إحياء علوم الدين" للإِمام الغزالي القانون العام للمسلم التقي الصالح، ذلك أن مؤلفه قد حشد في كتابه من أنواع الأخلاق والأداب ما جرى على ذاكرته، ففسرها وحللها وحض عليها، وجرى مثل ذلك في الأخلاق والآداب المنحطة السيئة ففسرها وحللها وحض على التباعد عنها، فكان كتابه كتاب أخلاق وتربية جعله يمتاز في نوعه عن أمثاله من الكتب، وأحدث ظهوره ضجة كبيرة بين ناقد ومنتصر له، وينحصر النقد فيه في الأحاديث الموضوعة التي أوردها الغزالي فيه، وفي بعض الحكايات التي تقتل من شخصية الإِنسان إنسانيته وتجعله يهيم في كلمات وهمية لا تأتي بخير للإنسان، وكان في طليعة الناقدين له العالم الكبير عبد الرحمن بن الجوزي (٥١٠ - ٥٩٧ هـ) فقد نقده نقدًا مرًا، ولكنه لم يكتف بالقول فقط بل عمد إلى أمر عملي، فرجع إلى الأحاديث الموضوعة فحذفها، وأثبت مكانها الأحاديث الصحيحة وعمد إلى الكلمات والألفاظ والحكايات التي لا طائل تحتها، فحذفها كما يقول ابن الجوزي كالكلام في الفناء.
وسمى هذا الكتاب "منهاج القاصدين" ولكنه لم يخرج عن التخطيط الأول الذي وضعه الغزالي في كتابه "الإِحياء" وكان عملًا مفيدًا جدًا لم يكتف بالتهويل والتهويش، بل عمد إلى ما ينفع الناس ويفيد المجتمع وأصلح اصلاحًا حقيقيًا ذا فائدة عظمى، ولكن كتاب "الإحياء" كان يحوي نقدًا آخر هو في الدرجة الثانية بعد النقد الأول، فالغزالي ملأ كتابه بأبحاث فقهية جعلت الكتاب يتضخم ويدعو إلى التذمر من كبر حجمه، فجاء في القرن السابع أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، فخلصه من المسائل الفقهية، لأن موضعها كتب الفقه، وجعله كتابًا
1 / 5