54

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

بِالصَّلَاحِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرِيعَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ التَّقْلِيدِ، وَلَا كَوْنِهِ يَعْمَلُ بِعِلْمٍ أَوْ بِجَهْلٍ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَذَا يُعد اسْتِدْلَالًا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ جُعِل عُمْدَةً فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى واطَّراح مَا سِوَاهُ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَهُوَ آخِذٌ بِالْبِدْعَةِ بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ، وَدَخَلَ فِي مُسَمَّى أَهْلِ الِابْتِدَاعِ، إِذْ كَانَ مِنْ حَقِّ مَنْ كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ أنْ يَنْظُرَ فِي الْحَقِّ إنْ جاءَه، ويبحث ويتأنَّى ويسأل حتى يتبين لَهُ فَيَتَّبِعَهُ، أَوِ الْبَاطِلُ فَيَجْتَنِبَهُ. وَلِذَلِكَ قَالَ تعالى ردًّا على المحتجين بما تقدم: ﴿قُلْ أوَلَوْا جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وجَدْتُمْ عليْهِ آبَاءَكُمْ؟﴾ (١)، وَفِي الْآيَةِ الأُخرى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لهُمُ اتَّبِعُوا مَا أنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عليْهِ آباءَنا﴾، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿أوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لاَ يعْقِلونَ شَيئًا وَلاَ يَهْتدُونَ؟﴾ (٢)، وَفِي الْآيَةِ الأُخرى: ﴿أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إلَى عذابِ السَّعِيرِ﴾ (٣)، وأمثال ذلك كثير. وعلامةُ مَنْ هَذَا شأْنه أنْ يردَّ خِلَافَ مَذْهَبِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ شُبْهَةِ دَلِيلٍ تَفْصِيلِيٍّ أَوْ إِجْمَالِيٍّ، وَيَتَعَصَّبُ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ عَيْنُ اتِّبَاعِ الْهَوَى. فَهُوَ الْمَذْمُومُ حَقًّا. وَعَلَيْهِ يَحْصُلُ الْإِثْمُ، فإنَّ مَنْ كَانَ مُسْتَرْشِدًا مَالَ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَمْ يردَّه، وَهُوَ الْمُعْتَادُ فِي طَالِبِ الْحَقِّ. وَلِذَلِكَ بَادَرَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ تَبَيَّنَ لهم الحق (٤) .

(١) الزخرف: ٢٤. (٢) البقرة: ١٧٠. (٣) لقمان: ٢١. (٤) خلاصة كلام المصنف في العامي المقلِّد للمبتدع: إنْ عُرِض عليه الحق فرفضه وآثر اتباع وتقليد المبتدع فهو مثله في الإثم، وإطلاق لفظ «أهل الأهواء» و«أهل البدع» عليه، وإن كان عاميًا لا يعرف إلا شيخه المبتدع ولم يعرض عليه أحدٌ الحق فقلد ذلك المبتدع فهو معذور.

1 / 50