31

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

٣- وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: «اعْلَمْ أَيْ أَخِي! إنَّ الْمَوْتَ كَرَامَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ عَلَى السُّنَّة، فإنَّا لِلَّهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو وَحْشَتَنَا وذهابَ الْإِخْوَانِ، وَقِلَّةَ الْأَعْوَانِ، وَظُهُورَ الْبِدَعِ. وَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو عَظِيمَ مَا حَلَّ بِهَذِهِ الأُمة مِنْ ذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وأهل السُّنَّة، وظهور البدع» .
فصل
[ما جاء فِي ذَمِّ الرَّأْيِ الْمَذْمُومِ]
وَهُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَى غَيْرِ أُسٍّ، وَالْمُسْتَنِدُ إِلَى غَيْرِ أَصْلٍ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُّنَّةٍ، لَكِنَّهُ وَجْهٌ تَشْرِيعِيٌّ فَصَارَ نَوْعًا مِنَ الِابْتِدَاعِ، بَلْ هُوَ الْجِنْسُ فِيهَا، فإنَّ جَمِيعَ الْبِدَعِ إنَّما هِيَ رَأْيٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِوَصْفِ الضَّلَالِ. فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ إِذْ أَعْطَاهُمُوهُ انْتِزَاعًا. وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى ناسٌ جهالٌ يُسْتَفْتوْن فيُفتون برأيهم فَيَضِلُّون ويُضِلُّون» (١) .
وقد اختلف العلماءُ في الرأي المقصود:
فَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُرَادُ بِهِ رَأْيُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَنِ، لَكِنْ فِي الِاعْتِقَادِ (٢) كَمَذْهَبِ جهمٍ وَسَائِرِ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْكَلَامِ لأنَّهم اسْتَعْمَلُوا آراءَهم فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بَلْ وَفِي رَدِّ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ لِغَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ وَيَقْتَضِي التأويل.

(١) رواه البخاري (١٠٠)، (٧٣٠٧)، ومسلم (٣٧٦٢) .
(٢) أي: في الاعتقاد فقط.

1 / 26