Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Publisher
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Genres
(المثال الثالث)
إنَّا إِذَا قَرَّرْنَا إِمَامًا مُطَاعًا مُفْتَقِرًا إِلَى تكثيرِ الْجُنُودِ لِسَدِّ الثُّغُورِ وَحِمَايَةِ الْمُلْكِ، الْمُتَّسِعِ الْأَقْطَارِ، وَخَلَا بَيْتُ الْمَالِ، وَارْتَفَعَتْ حَاجَاتُ الْجُنْدِ إلى مالا يَكْفِيهِمْ، فَلِلْإِمَامِ إِذَا كَانَ عَدْلًا أَنْ يوظِّف عَلَى الْأَغْنِيَاءِ مَا يَرَاهُ كَافِيًا لَهُمْ فِي الْحَالِ، إِلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ.
وإنَّما لَمْ يُنقل مِثْلُ هَذَا عَنِ الأوَّلين لِاتِّسَاعِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فِي زَمَانِهِمْ بِخِلَافِ زَمَانِنَا، فإنَّ الْقَضِيَّةَ فِيهِ أَحْرَى، وَوَجْهُ الْمَصْلَحَةِ هَنَا ظَاهِرٌ؛ فإنَّه لَوْ لَمْ يَفْعَلِ الْإِمَامُ ذلك النظام صارت ديارُنا عُرضة لاستيلاء الكفار، وَشَرْطُ جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ عَدَالَةُ الْإِمَامِ، وَإِيقَاعُ التَّصَرُّفِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ عَلَى الوجه المشروع.
(المثال الرابع)
أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، والمُستند فِيهِ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ؛ إِذْ لَا نَصَّ عَلَى عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁.
ووجه المصلحة أنَّ الْقَتِيلِ مَعْصُومٌ، وَقَدْ قُتل عَمْدًا، فَإِهْدَارُهُ دَاعٍ إِلَى خَرْمِ أَصْلِ الْقَصَاصِ، وَاتِّخَاذِ الِاسْتِعَانَةِ وَالِاشِتِرَاكَ ذَرِيعَةً إِلَى السَّعْيِ بِالْقَتْلِ إِذَا عُلِمَ أنَّه لَا قَصَاصَ فِيهِ، وَلَيْسَ أَصْلُهُ قَتْلَ الْمُنْفَرِدِ فإنَّه قَاتِلٌ تَحْقِيقًا، وَالْمُشْتَرِكُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ تَحْقِيقًا.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا أمرٌ بديعٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ قَتْلُ غَيْرِ الْقَاتِلِ، قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَمْ يُقْتَلُ إِلَّا الْقَاتِلُ، وَهُمْ الْجَمَاعَةُ من حيث الاجتماع، وَقَدْ دَعَتْ إِلَيْهِ الْمَصْلَحَةُ فَلَمْ يَكُنْ مُبْتَدِعًا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ في حقن الدماء.
1 / 103