============================================================
بإزالة الاعتراض، وتسليم الضيعة، وصارت هذه تتلى من مناقب آحمد بن طولون)(1).
هذه الرواية توضح مدى ما كان يتحلى به الطحاوي من جرأة في مقابلة الخصم، وشجاعة في إظهار الحق، مع ما أوتي من قوة حجة، وفصاحة بيان، إضافة إلى حسن أدب في مخاطبة الناس، مما جعل خصمه (أحمد بن طولون) يقتنع ويذعن له بالحق.
سماحة نفسه ونقاء سريرته: وقد كان الطحاوى نقي السريرة، لا يؤثر فيه سعي الساعين بالباطل بالإيقاع في الناس، ولا يحمل في نفسه لأحد ضغنا، بل يعترف بفضل أهل الفضل عليه، ويذكر محاسنهم وفضلهم، وإن وقع بينهم سوء تفاهم، أو اختلاف في الرآي: تبدو هذه السماحة الخلقية بارزة في بقية الرواية السابقة: "وكان ذلك - حصول التغير بين الفاضلين - قرب صرف أبي عبيد عن القضاء، فلما صرف أبو عبيد عن القضاء، أرسل الذي ولي بعده إلى أبي جعفر بكتاب عزله".
يقول علي بن أبي جعفر: "فجئت إلى أبي فهنأته، فقال لي أبي: ويحك وهذه تهية، هذه والله تعزية، لمن أذاكر بعده، أو لمن أجالس؟"(2).
هذه الجملة القصيرة تحمل معنى بعيدا وشعورا عميقا تحو القاضي المعزول أبي عبيد، فهي تزكية عالية تنطق بكمال علم القاضي أبي عبيد، واعتراف الطحاوي بفضله ومكانته، حتى إن مغادرته لمنصب القضياء، أصبح (1) النصيبي (الوزير ابن طلحة): كتاب العقد الفريد للملك السعيد (القاهرة: مطبعة الوطن، 131ا ص58، 59.
(2) لسان الميزان، 181/1.
Page 57