Mukhtasar Fi Cilm Nafs Insaniyya
مختصر في علم النفس الإنسانية
Genres
من الأول، وهكذا تتدرج من بدن إلى غيره حتى تكمل ذاتها وجميع صفاتها، وعند ذلك تنتقل إلى عالم العقول المجردة. وإن كان البدن الذي اتحدت به كثير الشهوات البدنية فتغرم هي أيضا بشهواته، فإذا خرب هذا البدن تنتقل إلى ما يكون أعظم شوقا إلى الخسائس، وكذلك إلى آخر أعظم منه حتى تتحد بأبدان الحيوان وتنتقل منها إلى النبات ومنه
4
إلى الجماد، مثلما حكى القديس غريغوريوس النيصي حيث بكت
5
هذا الرأي القبيح قائلا: «إن بعض الرجال لبس بدن امرأة وبعده طائر وبعده نبات ثم اتخذ أخيرا بدن الماء.» [40] وقال آخرون: مثلما أن النفس الفاضلة إذا انتقلت من بدن إلى بدن تترقى ويحصل لها الالتذاذ مع العقول المجردة، كذلك النفس الخسيسة التدبير تنحط من رتبة إلى رتبة في خسة التدبير حتى تبلغ المقام المستمر مع الأبالسة والشياطين، فثم يكون الخلود إلى أبد الآبدين.
وقال آخرون: إن النفس الرديئة إذا انتقلت من بدن إلى آخر أخس منه، ومنه إلى أخس منه فتنتهي آخر الأمر إلى العدم المحض.
وقال آخرون: قد يمكن انتقال النفوس من أبدان الناس إلى الحيوانات وبالعكس، لكن إلى النبات والمعادن والجماد فذلك غير ممكن.
وقال آخرون: إن النفس إذا اتحدت ببدن إنسي فإن اقتنت به الفضائل اشتهت التلذذ في بدن آخر أعظم من الأول، وذلك من البارئ تعالى، وإن عكست الأمر استحقت أخس من الأول، أعني مثل بدن سارق
6
قد قطعت يده ويستحق القتل بخسة أفعاله وأن يجلد وتقطع آلته، أو بدن حمار أو جمل يزهق بالحمل.
Unknown page