al-Muhtasar fi ahbar al-basar
المختصر في أخبار البشر
Publisher
المطبعة الحسينية المصرية
Edition Number
الأولى
Genres
History
ووصل العدو إِلى رسول الله ﵇، وأصابته حجارتهم حتى وقع، وأصيبت رباعيته، وشج في وجهه، وكلمت شفته، وكان الذي أصاب رسول الله ﷺ عتبة بن أبي وقاص، أخو سعد بن أبي وقاص، وجعل الدم يسيل على وجه رسول الله ﷺ وهو يقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إِلى ربهم، فنزل في ذلك قوله تعالى: " ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإِنهم ظالمون " " آل عمران: ١٢٨ " ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجه رسول الله ﷺ من الشجة، ونزع أبو عبيدة بن الجراح إِحدى الحلقتين من وجهه ﷺ، فسقطت ثنيته الواحدة، ثم نزع الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى، فكان أبو عبيدة ساقط الثنيتين، ومص سنان أبو سعيد الخدري الدم من وجه رسول الله ﷺ، وازدرده، فقال النبي ﷺ: " من مس دمي دمه لم تصبه النار ". وروى أن طلحة أصابته يومئذ ضربة فشلت يده وهو يدافع عن رسول الله ﷺ، وكان رسول الله ﷺ قد ظاهر بين درعين، ومثلت هند وصواحبها بالقتلى من أصحاب رسول الله ﷺ، فجدعن الآذان والأنوف، واتخذن منها قلائد، وبقرت هند عن كبد حمزة ولاكتها ولم تسغها، وضرب أبو سفيان زوجها، بزج الرمح شدق حمزة، وصعد الجبل وصرخ بأعلى صوته: الحرب سجال، يوم بيوم بدر، أعل هبل، أي ظهر دينك، ولما انصرف أبو سفيان ومن معه، نادى إِنَّ موعدكم بدرًا العام القابل، فقال النبي ﷺ لواحد قل: " هو بيننا وبينكم ". ثم سار المشركون إِلى مكة، ثم التمس رسول الله ﷺ عمه حمزة، فوجده وقد بقر بطنه وجدع أنفه وأذناه، فقال رسول الله ﷺ: " لئن أظهرني الله على قريش لأمثلن بثلاثين منهم ". ثم قال: " جاءني جبرائيل فأخبرني أن حمزة مكتوب في أهل السموات السبع، حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله " ثم أمر رسول الله ﷺ بحمزة فسجى ببرده، ثم صلى عليه، فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى يوضعون إِلى حمزة، فيصلي عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة، وهذا دليل لأبي حنيفة، فإنه يرى الصلاة على الشهيد خلافًا للشافعي رحمهما الله تعالى، ثم أمر بحمزة فدفن، واحتمل ناس من المسلمين قتلاهم إِلى المدينة فدفنوهم بها، ثم نهى رسول الله ﷺ، عن ذلك وقال: " ادفنوهم حيث صرعوا ".
ثم دخلت سنة أربع فيها في صفر قدم على النبي ﷺ قوم من عضل والقارة، وطلبوا من رسول الله ﷺ أن يبعث معهم من يفقه قومهم في الدين، فبعث معهم ستة نفر، وهم: ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عدي، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وخالد بن البكير الليثي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، وقدم عليهم مرثد بن أبي مرثد.
1 / 132