304

وأعلمه بالقصة فقال يحيى لمن حضر مجلسه : ما نفعل بمن زور خطنا؟

فقال / واحد : نقطع يده.

وقال آخر : يصلب حتى لا يجسر غيره أن يفعل مثل فعله.

وتكلم كل واحد بمثل هذا.

فقال : أف لكم من أناس ، ويحكم ، رجل أناخ عليه الفقر والفاقة فاستحى أن يسألنا بمضي بما يشابه خطنا ليستر فقره منا ويستعير جاهنا فتقولون (1) ما قلتم؟!

ثم كتب لعبد الله من ساعته : إن الرجل جاءك من عندنا والكتاب بخطنا ، فتفضل عليه بما فيه مع ما يناله من برك وخيرك ، وأرسله إلينا مكرما ، فإنا لا نقوم له بجزاء كونه كان سببا لإزالة ما بيننا من الوحشة ، فكتب وكتبنا لك.

فلما وصل القاصد ، وقرأ كتابه طلب الرجل فإذا به من الهم يشبه الموتى.

فقال له : لا بأس عليك ، فقد ظهر صدقك ، وأعطاه ما في الكتاب ورسم له بمائة ألف درهم ، وعشرة رؤوس من الخيل وخلعة ووجهه ليحيى.

فلما دخل أكرمه وأعطاه مثل عطاء عبد الله بن مالك ولم يفاتحه فيما فعل ولم يسأله عنه. فرحم الله الكرام.

** هدية الملك الأركن :

أهدى الأركن ملك اللان لكسرى ملك الفرس بهدية عظيمة يطول شرحها ، فمن محاسنها سيف طوله خمسة أشبار كلون النحاس الأحمر يعمل في الحديد كما يعمل القدوم في الخشب. وصحفة (2) من ياقوت أخضر تسع منا من الطعام ، وكأسا من الزمرد يسع رطلا من الشراب ، وألف درة لا قيمة لها ، وقنديل من المها فيه ياقوتة حمراء قدر بيضة الحمام إذا علق ذلك القنديل وحوله من الشموع ما لا حد لعدده غلب نوره على تلك الشموع وكساها نوره حمرة باهرة ، ودروعا ورماحا ، ودرقا إلى غير ذلك مما يطول شرحه.

** موعظة :

قال ابن حازم الزاهد : إنما بيني وبين الملوك / يوما واحدا أمس مضى عني وعنهم فهم لا يجدون لذته ، وأنا لا أجد شدته.

وأنا وإياهم على وجل من غد ، وما ندري ما الله فاعل فيه.

Page 313