Mukhtaṣar ʿAjāʾib al-dunyā
مختصر عجائب الدنيا
قال : فدمعت عيناه ، وخرج على الناس باكيا ، ثم عاد على حاله ، وطلب الجارية وقال : ويحك ، ما حملك على ما (1) روعت به قلبي؟
فقالت : يا مولانا ، والله ما رأيتك إلا في هذه الساعة التي طلبتني فيها ، ولا دخلت عليك قبلها.
وجاء حريم (2) القصر ، فشهدن لها بذلك. ثم لم تمض إلا مدة يسيرة وأكل التين والبيض كما تقدم ذكره ، فانتخم ومات رحمه الله تعالى.
** ونظير ذلك ما وقع لأمير [المؤمنين] (3) أبو جعفر المنصور :
وذلك ما رواه الفضل بن الربيع قال : كنت مع أمير [المؤمنين] في السفر الذي مات فيه ، فنزلنا في بعض المنازل ، وفي قبة عظيمة تتلألأ نورا ، فدخل بيتا له شديدة البياض مفروشة بأنواع الأمتعة الفاخرة ، فدخلها / ثم خرج مسرعا فطلبني ، فلما وقفت بين يديه وجدته (4) مغضبا.
وقال : ألم أنهكم أن لا تدعوا العامة يدخلوا مكانا هو معد لجلوسي؟
فقلت : يا أمير [المؤمنين] ومن له جسارة على ذلك؟
فقال : الذي كتب على حائطنا مما لا خير فيه ، فقد أزعجني (5) ونغص عيشي.
فقلت : ما كتب؟
فقال : ادخل لتراه.
فدخل وأنا بصحبته ، فوقف بإزاء الحائط وقرأ : أبا جعفر ، حانت وفاتك ، وانقضت سنوك ، وأمر الله لا شك نازل. أبا جعفر ، هل كاهن أو منجم يرد قضاء الله أم نت جاهل؟
فقلت : يا أمير [المؤمنين] ما على الحائط شيء مما تقرأه (6).
Page 248