Mukhtarat Min Qasas Injlizi
مختارات من القصص الإنجليزي
Genres
فنفد صبري، ولم تعد لي طاقة على الاحتمال، ومددت يدي إلى كارولين سبنسر من غير أن أرد على ابن عمها، فنظرت إلي بوجهها الدقيق وعينيها الواسعتين وبدت لي أسنانها، كأنما أرادت أن تبتسم وقالت: «لا تأسف من أجلي، فإني واثقة أني سأرى شيئا من هذه القارة العتيقة يوما ما.»
فقلت لها إني لا أودعها، وإني سأعود إليها في صباح الغد. وكان ابن عمها قد لبس قبعته العريضة، فنزعها ولوح لي بها على سبيل التحية، فانصرفت.
ورجعت في صباح اليوم التالي إلى الخان حيث التقيت بربته، وكانت أقل عناية بثيابها مما كانت في المساء، فلما سألتها عن الآنسة سبنسر قالت: «سافرت يا سيدي. غادرتنا في الساعة العاشرة البارحة مع ... مع ... إنه ليس زوجها، هه؟ على كل حال مع السيد ... وذهبا إلى الباخرة الأمريكية.»
فانصرفت. فيا لها من مسكينة! لم تقض في أوروبا إلا حوالي ثلاث عشرة ساعة!
4
وكنت أسعد حظا منها فقضيت في أوروبا حوالي خمس سنوات. وفي هذه المدة فقدت صديقي لاتوش، فقد أصيب بحمى الملاريا أثناء رحلة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، فقضى نحبه. وكان أول ما صنعت بعد عودتي إلى أمريكا أن قصدت إلى بلدة «جريمونتر» لأعزي أمه المسكينة، وكانت شديدة الحزن، فجلست معها الصباح كله (وكنت قد وصلت في ساعة متأخرة من الليلة السابقة) أصغي لحديثها الباكي، وأتغنى بسجايا صديقي. ولم يكن لنا كلام في غير ذلك، ولم يقطع حديثنا إلا وصول سيدة صغيرة خفيفة تسوق مركبتها، وقد رأيتها ترمي الأعنة على ظهر الجواد بمثل سرعة النائم أفزعه شيء فرمى الغطاء ونهض. ووثبت من المركبة، ودخلت الغرفة وثبا من فرط النشاط في حركتها والخفة فيها. وعرفت أنها زوجة القسيس، وأنها «راوية» البلدة، وكان يبدو عليها أن لديها نخبة متخيرة من الأحاديث تتلهف على الإفضاء بها، وكنت على يقين من هذا، كيقيني من أن السيدة لاتوش لا يمنعها جزعها على وحيدها وثكلها له أن تصغي إلى صاحبتها. ورأيت أن الانصراف أكيس فقلت: إني سأذهب لأتمشى قبل الغداء، وسألت قبل الخروج: «وعلى فكرة، إذا استطعت أن تدليني على بيت الآنسة سبنسر، ذهبت إليها.»
فردت زوجة القسيس وأخبرتني أن الآنسة سبنسر تسكن في البيت الرابع بعد الكنيسة، وهي على اليمين، وفوق بابها طنف محمول على عمودين، تراه هي أشبه بإطار السرير.
وقالت السيدة لاتوش: «نعم، اذهب وزر كارولين المسكينة، فسيرد إليها نفسها أن ترى وجها غريبا.»
وقالت زوجة القسيس: «أحسبها رأت فوق الكفاية من الوجوه الغريبة!»
فأصلحت السيدة لاتوش العبارة وقالت: «إنما أعني أن ترى زائرا.»
Unknown page