Al-Mūjaz li-Abī ʿAmmār ʿAbd al-Kāfī takhrīj ʿUmayra
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
Genres
عن قولهم بأن الجنة والنار بما فيهما من الثواب والعقاب، ومن فيهما من أهل الثواب والعقاب غير باقيين ولا دائمين، فيقال لهم: ويلكم كيف منكم حتى اعترضتم على أخبار الله عز وجل بالرد على جميع ذلك بالدوام ولأهلهما بالخلود، وتجاسرتم عليها بالنقض، وانفردتم بمخالفة الأمة؟ قالوا: لما وجدنا الله عز وجل قديما لا يحدث، باقيا لا يفنى، ولن يجوز أن يساويه أحد في صفته، فلذلك أبطلنا عما دونه من الخلق أن يكون باقيا، كما أبطلنا عنه أن يكون قديما. قيل لهم: ويحكم قد اتقيتم الأبرة، وبلعتم الزبرة (¬1) ، ووقعتم في أشد مما هربتم منه، أليست العلة في إن كان القديم قديما أنه لم يحدث قط؟ وليست العلة في إن كان الباقي باقيا أنه لم يفن قط، والباقي قد يكون باقيا، ثم يفنى ويكون باقيا ولا يفنى، والقديم لا يكون قديما إلا بأن لم يحدث قط.
وبعد فمن أين ناظرتم (¬2)
¬__________
(¬1) الزبرة: بالضم القطعة من الحديد، قال الله تعالى: (آتوني زبر الحديد) سورة الكهف آية 96. وزبر أيضا بضم الباء، قال تعالى: (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا) سورة المؤمنون آية 53 أي قطعا. والزبر: الزجر والانتهار، وبابه نصر، والزبر بالكسر الكتاب، والجمع زبور كقدر وقدور، ومنه قرأ بعضهم: (وآتينا داود زبورا) سورة الإسراء آية 55.
(¬2) النظير: المثل، والجمع: نظراء، وأصله المناظر، كأن كل واحد منهما ينظر إلى صاحبه فيباريه. والمناظرة: المباحثة والمباراة في النظر واستحضار كل ما يراه ببصيرته.
والنظر: "البحث، وهو أعم من القياس؛ لأن كل قياس نظر، وليس كل نظر قياسا".
Page 140