214

Al-Muḥīṭ al-Burhānī fī al-fiqh al-Nuʿmānī fiqh al-Imām Abī Ḥanīfa raḍiya Allāh ʿanhu

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

Investigator

عبد الكريم سامي الجندي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

بيروت

الوجه الثاني: إذا رأت قبل أيامها ما يصلح حيضًا، ولم ترَ في أيامها شيئًا، وفي هذا الوجه حكمها موقوف عند أبي حنيفة ﵀ فإن طهرت أيامها مرّة أخرى في الشهر الثاني صار حيضها ما رأته، وانتقلت عادتها في الحيض عن موضعها، وإلا فالمرئي استحاضة، وعند أبي يوسف ﵀ المتقدم حيض، ويصير ذلك عادة لها؛ لأنه يرى انتقال العادة برؤية المخالف مرّة وعليه الفتوى، وهو قول محمد، وعلى قول محمد ﵀ يكون المتقدم حيضًا بدلًا عن أيامها ولكن لا يصير عادة لها؛ لأنه لا يرى انتقال العادة برؤية المخالف مرّة.
الوجه الثالث: إذا رأت في أيامها ما لا يصلح حيضًا، ورأت قبل أيامها ما يصلح حيضًا، الجواب في هذا الوجه نظير الجواب في الوجه الثاني؛ لأنها إذا رأت في أيامها ما لا يصلح حيضًا كان المرئي في أيامها في حكم العدم.
الوجه الرابع: إذا رأت في أيامها ما يصلح أن يكون حيضًا ولم يجاوز الكل العشرة وفي هذا الوجه عن أبي حنيفة ﵀ روايتان، روى محمد والحسن بن زياد عنه أن المتقدم على أيامها لا يكون حيضًا، وروى بشر بن الوليد والمعلّى وغيرهما عن أبي يوسف ﵏ (٣٧ب١) عنه: أن المتقدم حيض، غير أن في بعض روايات أبي يوسف أنه على قول أبي حنيفة، وفي بعض رواياته أنه قاس قول أبي حنيفة ﵀، وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أن المتقدم حيض إذا لم تجاوز به العشرة.
وجه الرواية الأولى عن أبي حنيفة ﵀: أن المتقدم على أيامها لا يمكن اعتباره حيضًا تبعًا لأيامها، والسابق لا يعتبر تبعًا للاحق، فلو اعتبر حيضًا اعتبر بطريق الاتصال، ولا وجه إليه أيضًا لما فيه من نقل عادتها من حيث الموضع برؤية المخالف مرّة، وأبو حنيفة ﵀ لا يقول به.
وجه رواية الأخرى وهو قولهما: إن هذا دم رأته المرأة بين طهرين تامين ولم تجاوز العشرة فيكون حيضًا كالمتأخر؛ هذا لأن حيض المرأة قد يتقدّم وقد يتأخر، فإذا اعْتُدَّ بأحد الأمرين فكذا بالأمْر الآخر، ثم عند أبي يوسف يصير ذلك عادة لها، وعند محمد لا تصير عادة لها.
الوجه الخامس: إذا رأت في أيامها ما لا يصلح حيضًا، ورأت قبل أيامها ما لا يصلح حيضًا وإذا جمعا صلحا حيضًا، وفي هذا الوجه اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: إنه نظير الوجه الثاني والثالث؛ لأنها إذا رأت في أيامها ما لا يصلح حيضًا كان المرئي في أيامها كالعدم، وقال بعضهم: الجواب فيه كالجواب في الوجه الرابع؛ لأنها إذا لم ترَ في أيامها ما يكون حيضًا بنفسه، وإنما يصير حيضًا بوجود ما قبله صار كأنها رأت في أيامها ما يكون حيضًا، ورأت قبل أيامها ما يكون حيضًا، وذكر الشيخ الإمام فخر الإسلام علي البزدوي ﵀ في «شرح كتاب الحيض»: أن شيئًا من ذلك لا يكون حيضًا إلا أن ترى في بعض موضعها الثاني مثل ذلك، فتنتقل العادة إليها في الابتداء والله أعلم.

1 / 242