ولنقل مصر إلى البيئة المرغوب فيها قلب كيانها رأسا على عقب، وأخرجها بعد عناء شديد إلى وجود جديد. •••
أما الوهابيون، فقوم من عرب نجد، قاموا ينشرون تعاليم شيخ عالم يقال له محمد عبد الوهاب، بقوة الحسام، وببرهان السطو والغزو.
وتعاليم الشيخ محمد عبد الوهاب كانت ترمي إلى حركة إصلاحية في الإسلام ، القصد منها إعادة هذا الدين الحنيف إلى سلامته الأصلية وتنقيته من كل الشوائب التي أدخلتها بدع القرون إلى كيانه المقدس.
فلم يكن إذن من بأس في نشر تلك التعاليم، بل كان في ذلك خير عميم.
ولكن القوم الذين قاموا بهذه المهمة لم يكونوا أهلا لها؛ لأنهم اتخذوها حجة ووسيلة للنهب والسلب، والتعرض للمسلمين في إقامة شعائر دينهم، ولا سيما في تأدية فريضة الحج.
فبعد أن نهبوا «الإمام حسين» - وهي مدينة واقعة في الصحراء، غربي الفرات، في المكان الذي قتل فيه ابن بنت الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وجردوا مسجدها الحرام من جميع تحفه وكنوزه، استولوا على مكة المكرمة في سنة 1801 وشرعوا يضايقون الحجاج بفرض ضرائب عليهم ما أنزل الله بها من سلطان، ثم لم يلبثوا أن حظروا الحج كلية، إلا على الكيفية التي يريدونها.
وفي سنة 1805 استولوا على المدينة المنورة ونهبوها، وتعرضوا لذات قبر الرسول بسوء، وفي سنة 1806 منعوا الحج بتاتا. •••
فندب الباب العالي لقتالهم سليمان باشا والي بغداد، فعبد الله باشا والي دمشق، فيوسف باشا الصدر الأعظم المهزوم في واقعة عين شمس، ولكن الوهابيين قهروهم جميعا، وأرجعوهم على أعقابهم خاسرين.
فطلب السلطان حينئذ إلى محمد علي باشا السير إلى قتال أولئك العصاة المنشقين.
Unknown page