Muhalla Bi Athar
المحلى
Investigator
عبدالغفار سليمان البنداري
Publisher
دار الفكر
Publisher Location
بيروت
Genres
Zahiri Jurisprudence
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَمِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ إلَى الْمُلُوكِ رَسُولًا - رَسُولًا وَاحِدًا - إلَى كُلِّ مَمْلَكَةٍ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَاحِدًا وَاحِدًا، إلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَإِلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ كَصَنْعَاءَ وَالْجُنْدِ وَحَضْرَمَوْتَ وَتَيْمَاءَ وَنَجْرَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَعُمَانَ وَغَيْرِهَا، يُعَلِّمُهُمْ أَحْكَامَ الدِّينِ كُلَّهَا، وَافْتَرَضَ عَلَى كُلِّ جِهَةٍ قَبُولَ رِوَايَةِ أَمِيرِهِمْ وَمُعَلِّمِهِمْ، فَصَحَّ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنْ مِثْلِهِ مُبَلِّغًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَمَنْ تَرَكَ الْقُرْآنَ أَوْ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِ صَاحِبٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ رَاوِيَ ذَلِكَ الْخَبَرِ أَوْ غَيْرَهُ، فَقَدْ تَرَكَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ بِطَاعَتِهِ وَلَا بِاتِّبَاعِهِ. وَهَذَا خِلَافٌ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَيْسَ فَضْلُ الصَّاحِبِ عِنْدَ اللَّهِ بِمُوجِبِ تَقْلِيدِ قَوْلِهِ وَتَأْوِيلِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ، لَكِنْ مُوجِبُ تَعْظِيمِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَقَبُولِ رِوَايَتِهِ فَقَطْ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ الْقُرْآنُ يَنْسَخُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةُ تَنْسَخُ السُّنَّةَ]
- ٩٤ مَسْأَلَةٌ: وَالْقُرْآنُ يَنْسَخُ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَّةُ تَنْسَخُ السُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ قَالَ ﷿: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] قَالَ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم: ٣] ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤] وَأَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة: ٤٤] ﴿لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧] وَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَعَنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ، وَالنَّسْخُ بَعْضٌ مِنْ أَبْعَاضِ الْبَيَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى. .
[مَسْأَلَةٌ النَّسْخ والتخصيص فِي الْقُرْآن وَالسَّنَة]
- ٩٥ مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي آيَةٍ أَوْ فِي خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَابِتٍ: هَذَا مَنْسُوخٌ وَهَذَا مَخْصُوصٌ فِي بَعْضِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، وَلَا أَنَّ لِهَذَا النَّصِّ تَأْوِيلًا غَيْرَ مُقْتَضٍ ظَاهِرَ لَفْظِهِ، وَلَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْنَا مِنْ حِينِ وُرُودِهِ إلَّا بِنَصٍّ آخَرَ وَارِدٍ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ كَمَا ذُكِرَ، أَوْ بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقِّنٍ بِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ، أَوْ بِضَرُورَةِ حِسٍّ مُوجِبَةٍ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ.
1 / 74