171

al-Muḥallā

المحلى

Editor

عبدالغفار سليمان البنداري

Publisher

دار الفكر

Publisher Location

بيروت

نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَدْ فَعَلُوهَا؟ اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدَتِي الْقِبْلَةَ» .
قَالَ عَلِيٌّ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ النَّهْيِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ، فَإِذًا لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ فَحُكْمُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَنْسُوخٌ قَطْعًا بِنَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، هَذَا يُعْلَمُ ضَرُورَةً وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ تَرْكُ الْيَقِينِ بِالظُّنُونِ، وَأَخْذُ الْمُتَيَقَّنِ نَسْخُهُ وَتَرْكُ الْمُتَيَقَّنِ أَنَّهُ نَاسِخٌ.
وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِحُكْمٍ مَنْسُوخٍ فَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يُعِيدُ النَّاسِخَ مَنْسُوخًا وَالْمَنْسُوخَ نَاسِخًا وَلَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ تِبْيَانًا لَا إشْكَالَ فِيهِ، إذْ لَوْ كَانَ هَذَا لَكَانَ الدِّينُ مُشْكِلًا غَيْرَ بَيِّنٍ، نَاقِصًا غَيْرَ كَامِلٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]

1 / 191