Muhalafa Thulathiyya
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
Genres
تم ما رمت والزمان وفى لي
وقد انجاب عن نهاري الضباب
نعم سنحطم القوات البخارية والآلات الكهربائية إذا تم ما أتمناه، فلنجمع قوتنا لنهلك من العالم كل مخترع لعين، وتصبح ظواهر التمدن الحديث لا أثر لها ولا عين؛ نحن ضد التمدن، نحن ضد الآلات الميكانيكية، والمراكب البخارية، والعربات الكهربائية، نحن ضد كل عقل يجهده صاحبه في إيجاد تسهيلات جديدة واختراعات مفيدة. يجب أن نضرب ضربة قاضية، كفانا ذلا وضعفا وفقرا وهوانا، كفانا خصاما وشقاقا واختلافا، كفانا نفورا وبغضاء ودسائس ووشايات. ضم الكلمة، جمع الرأي، اتحاد القلوب، تضافر الأفكار، قتل كل مسبب يولد النفور والشقاق. هذا ما تطلبه منا مصلحتنا، وتحثنا على إتمامه سلطتنا التي أوشكت أن تزول.
حبذا لو كانت الجلسة الآن وقريحتي جوادة؛ فيمكنني التكلم بفصاحة وحماسة وإخلاص، أف لم يعد لي صبر على الانتظار، ولكن لا بأس إذا درست قليلا، واستعديت لهذه الجلسة، يجب أن أستميل ضيوفي إلي، يجب أن أقنعهم لكي يعتنقوا مبدئي، يجب أن أبين لهم الحقائق الراهنة مدعومة بالبراهين الساطعة، «إلى الدرس إذن والتفتيش، فهذا عند الحصان العاقل أفضل من التبن والحشيش»، ويذهب الحصان إلى مكتبته، ويكب على المطالعة والكتابة.
الفصل الثاني
المأدبة
ولما تم طبع رقاع الدعوة وزعها الجحش على أصحابها الأفاضل، وفي مساء اليوم الثاني قبل أن جاءت الساعة الثامنة، غص الإسطبل بأفاضل البغال والحمير والجياد وهم لابسون أفخر العدد، وأثمن البردعات، من أقمشة سوداء وأرجوانية، وفي أعناقهم رشمات يتلألأ فيها عدد من الذخائر والتعاويذ، فتطقطق عند الحركة، ومنهم من جاء يعكز على عصا مذهبة، حاملا في خرجه لوح شريعته المقدسة، ثم جلسوا جميعهم حول مائدة جميلة مزينة على طرز بشري فيه كل أنواع الفخفخة، ويزيد رونقها أنواع الزهور المنثورة حولها، وحول الصحون المملوءة من الطعام على اختلاف ألوانه، واللحوم والأسماك على تعدد أجناسها، والخضر على تنوع أصنافها، وكلها مخلوطة ببعضها خلطا حماريا، وعلى وجهها غطاء أبيض مصنوع من البرشان. أما أصناف الخمر والمشروبات فحدث عنها ولا حرج، فبراميل الجعة كانت في ذلك المساء بعدد الضيوف، وكل واحد جلس وبرميله إلى جانبه، وأمامه إناء كبير من الفخار. - كلوا واشربوا وتهللوا فغدا تموتون.
وبعد أن جلس الكل حول معالفهم، وزالت الضوضاء، وساد النظام نهض صاحب الدعوة ورفع رأسه ويديه نحو السماء، وخاطب الأسد القدير خاشعا متوسلا فقال: نشكرك يا رب على غزير نعمك وآلائك، ونتضرع إليك بصوت خاشع كي تشمل بنظرك الإلهي جميع المؤمنين من أبنائك لا تحول عنا إلهامك الهادي إلى الرشاد، ولا تتخل عن المطيعين لنا ولك من العباد، انصرنا يا رب على القوات الشيطانية التي ظهرت في هذه الأيام الأخيرة، واسحق أعداءنا وأعداءك أهل التمدن الحديث، وذوي النفوس الحقيرة، كن لنا يا رب معينا، واصرف عنا غضبك، وارمقنا بحلمك، وشدد عزمنا، وثبتنا في مسالك الصلاح وطرق الهداية، آمين.
وبعد أن فرغ الحصان من صلواته هذه رفع حافره الأيمن، وقسم به الهواء إلى أربعة أقسام راسما بذلك رسم صليب كبير، ثم جلس على برميله بإزاء المعلف، ودعا ضيوفه إلى الأكل والشرب والانشراح. - كلوا واشربوا وتهللوا فغدا تموتون.
أحد البغال :
Unknown page