Muhalafa Thulathiyya
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
Genres
قد اجتمعتم أيها الأفاضل لكي تتحدوا، وقد تباحثتم مليا في هذا الشأن، وقد يمكن أن يتم ما تبتغونه، شريف هو عملكم، وجليل هو مشروعكم، ولكن أنا لا أظنه ثابتا إذا جعلتم أساسه المحبة والغيرة والنزاهة فقط، ولا أظنه ثابتا إذا اكتفيتم بإغفال القضايا اللاهوتية، والاختلافات الطقسية التي ينجم عنها الشقاق والخصام، وإن ظننتم أنكم تستطيعون مقاومة القوات الكهربائية والبخارية، وتنتصرون عليها، فأنتم واهمون (ضجيج ولغط) ، إن هذا العصر عصر تقدم ونجاح وترق، وما لكم إلا أن تسيروا مع الزمان والقوم، وتتقدموا مع جحافل الكهربائية، وإذا كان لكم رغبة حقيقية في الاتحاد، وأردتم لمشروعكم هذا الثبات والنجاح، فيجب أن تجعلوا أساسه متينا من البدء حتى إذا بنيتم شيئا عظيما لا يتداعى ويهبط إلى الحضيض، فعندي أن الغيرة والمحبة والنزاهة أمور ثانوية (ضجيج بين الحمير) ، والقضايا اللاهوتية لا يجب أن تغفل فقط (برافو تصفيق ولبيط) ، بل يجب أن تقتل تماما (ضجيج وصفير)
كي لا تعود إلى الحياة فتدس سم الشقاق ما بينكم كعادتها (تمام تمام) ، فلو طلبتم رأيي في هذه المحالفة لكنت أقول قبل أن تتحالفوا نقحوا شرائعكم، وقبل أن تتحدوا ابنذوا ظهريا كل الخرافات والخزعبلات التي تشوه وجه عقائدكم.
أحد الحمير (يخاطب جاره) :
أي خرافات وماذا يقصد الثعلب المارق؟
الثعلب :
قد أعجبني اعترافكم بكونكم من تبعة واحدة من جنس واحد، وأنكم كلكم تتحدون بالأسد، فهذه هي خطوة كبيرة نحو الكمال الأسدي، قد يدل تصريحكم هذا على ترق عظيم، وتهذيب حقيقي، ولو جعلتم عقيدتكم في البساطة التي وضعها الأسد، واقتصرتم على عبادة الله لما كنتم تحتاجون إلى محالفة، بل كنتم ترتبطون بالذوق السليم والرأي السديد، اجمعوا كتب اللاهوت وأحرقوها كلها (مروق! إلحاد) ، وخذوا شريعتكم من سنن الطبيعة، ونواميس الكون، قد أشار أحد المتكلمين إلى الطبيب باراسلسوس، فذكرني بكلام له قاله متكلما عن معارفه ومداركه، وهو: «تسألونني من أين أتتني هذه الأسرار، وكيف تلقنت هذه العلوم، ومن أي كتب اقتبستها؟ فأجاوبكم: اسألوا الحيوانات كيف تتعلم حرفها وفنونها، فإذا كانت الطبيعة قادرة على تعليم الحيوانات ألا تقدر على أن تعلم الإنسان وتنوره؟»
فلا تغفلوا اللاهوت في محالفتكم فقط، بل اقتلوه وانبذوه ظهريا، وسنوا قانونا صارما يمنع الخوض فيه بتاتا، وعاقبوا كل من يخالف القانون، ويبحث في اللاهوت، وألقوا القبض على كل منطقي؛ إذ إن المنطق في هذه الأيام كثير الأضرار، ومن ركب متنه كان الشر محط رحاله، إذا اتحدتم يجب أن تجعلوا عقيدتكم أساس هذا الاتحاد، وإذا كان الأساس فاسدا هل يدوم يا ترى البنيان؟ وكيف تستطيعون أن تقاوموا القوات الكهربائية وأنتم غير ثابتين في اتحادكم، فعليكم أولا أن تتفقوا على العقيدة التي يجب أن تجمعكم، وهذا أمر لم تقرروه حتى الآن، فهل تجعلون شريعة الجمعية الجديدة شريعة الحمار أم الحصان أم البغل، وعندي لو نبذتم كل هذه الشرائع (صوت من بين البغال قف قف، وصوت آخر من بين الحمير كفر كفر)
لو انتظرتم كي أكمل عبارتي لما كنتم تصرخون كفر كفر، قلت: لو نبذتم كل هذه الشرائع، وجعلتم الشريعة الأصلية الشاملة المقدسة شريعتكم الحقيقية الجديدة (لبيط بين الحمير) ، أي الشريعة التي طبعها الله في قلب كل منا، الشريعة التي توحيها لنا الطبيعة، فإنكم تنالون إذ ذاك منيتكم، ويثبت مشروعكم، ويدوم اتحادكم، تعلمون أدامكم الله أن أعداءكم يبنون آلاتهم على النواميس الطبيعية، وما الكهربائية إلا وجها من وجوه الله العديدة، أو هي كتاب من كتبه الكثيرة، فكيف تقولون: إنها عدوتكم اللدودة؟
أحد الحمير :
أرجو من صاحب الدعوة توقيف الثعلب؛ لأنه شذ وكفر.
Unknown page