295

Al-Muḥāḍarāt waʾl-Muḥāwarāt

المحاضرات والمحاورات

Publisher

دار الغرب الإسلامي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٤ هـ

Publisher Location

بيروت

عن عبد الله بن سلام، ومحمد بن كعب القرظي، وغير هما قالوا: لم يبعث الله ﷿ رسولا إلى قومه حتى وجده أرجحهم عقلا، وما استخلف داود سليمان واختاره على جميع ولده وبني إسرائيل، حتى عرف فضل عقله في حداثة سنه، وإنما كان استخلاف الأنبياء قبل محمد ﷺ نبوة ما خلا محمدا ﷺ، فانه لا نبي بعده، فأعطى الله سليمان من العقل ما لو وزن عقله بعقل أهل زمانه لرجحهم.
عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء رجل إلى سليمان ﵇، فقال: يا نبي الله إن لي جيرانا يسرقون أوزي، فنادى الصلاة جامعة، ثم خطبهم فقال في خطبته:
وأحدكم يسرق أوز جاره/ ثم يدخل المسجد والريش على رأسه، فمسح رجل رأسه، فقال سليمان: خذوه، فانه صاحبه.
عن عبد الملك بن حميد بن عبد الملك، قال: كنا مع عبد الملك بن صالح بدمشق، فأصاب كتابا في ديوان دمشق: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن العباس، إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فاني أحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو، عصمنا الله وإياك بالتقوى، وأما بعد، فقد جاءني كتابك، فلم أسمع منه إلا خيرا، فذكرت شأن المودة بيننا، وإنك لعمر الله لمودود في صدري من أهل المودة الخالصة والخاصة، وإني للخلة التي بيننا لراع، ولصالحها لحافظ، ولا قوة إلا بالله. [فأجابه معاوية] [١]: أما بعد حفظ الله، فانك من ذوي النهى من قريش، وأهل الحلم والخلق الجميل فيها، فليصدر رأيك بما فيه النظر لنفسك، والتقية على دينك، والشفقة على الإسلام وأهله، فانه خير لك وأوفر لحظك في دنياك وآخرتك، وقد سمعتك تذكر شأن عثمان بن عفان، فاعلم أن انبعاثك في الطلب بدمه فرقة، وسفك للدماء، وانتهاك للمحارم، وهذا لعمر الله ضرر على الإسلام وأهله، وإن الله سيكفيك أمر سافكي دم عثمان، فتأنّ في أمرك، واتق [٢] الله ربك، فقد يقال إنك تكيد الإمارة، وتقول: إن معك وصية من النبي ﷺ بذلك، فقول نبي الله الحق، فتأنّ في أمرك، ولقد سمعت رسول الله ﷺ، يقول للعباس/ إن الله يستعمل من ولدك اثني عشر رجلا [٣] منهم السفاح، والمنصور، والمهدي، والأمين، والمؤتمن، وأمير العصب، أفتراني استعجل الوقت، أو أنتظر قول رسول الله ﷺ، وقوله الحق، وما يرد الله من أمر يكن، ولو كره العالم ذلك، وأيم الله، لو أشاءه لوجدت متقدما وأعوانا وإنصارا، ولكني أكره لنفسي ما نهاك عنه، وراقب الله ربك، واخلف محمدا في أمته خلافة صالحة، فأما شأن ابن عمك علي بن أبي طالب، فقد استقامت له عشيرتك،

[١] ما بين العضادتين تتمة يقتضيها السياق.
[٢] في ب: اتقي، وهو لحن من وهم الناسخ.
[٣] في ش: اثنا عشر، وهو لحن.

1 / 319