91

Muhadarat Udaba

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء

Publisher

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

وقال بعضهم: ذر الرأي الفطير، والكلام القضيب، فلا يطيب الخبز إلا بائتا. التّحذير من جناية اللسان سئل النبي ﷺ عن أكثر ما يدخل الناس النّار، فقال: الأجوفان البطن والفم. وقيل فيما روي عنه: وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. وكان لقمان عبدا أسود لبعض أهل الأيلة فقال له مولاه: اذبح لنا شاة وائتنا بأطيب مضغة فأتاه باللسان. فقال له: اذبح لي أخرى وائتني بأخبث مضغة فأتاه باللسان، فقال له في ذلك، فقال: ما شيء أطيب منه إذا طاب، ولا أخبث منه إذا خبث. وقيل: لم يستر من الجوارح «١» شيء كما ستر اللسان، فإنّ عليه طبقتين وسترين. وقيل لحذيفة: لم أطلت سجن لسانك؟ فقال: لأنه غير مأمون الضرر إذا أطلق. وروي عن أبي بكر ﵁، أنه كان يمسك بلسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد. قال الشاعر: كم في المقابر من قتيل، لسانه ... كانت تهاب لقاءه الأقران متكلّم بكلام أذى إلى هلاكه بينما المنذر «٢» في بعض متصيّداته إذ وقف على رابية فقال بعض أصحابه: أبيت للعن لو أن رجلا ذبح على هذه الرابية إلى أيّ موضع عسى أن يسيل دمه؟ فقال: أنت والله المذبوح لننظر ذلك، وأمر به فذبح. ومر ببهرام طائر بالليل فصاح فرماه بسهم فأصابه فقال: لو سكت الطائر لكان خيرا له. التثبّت في الجواب والتسرّع فيه سأل يهودي النبي ﷺ مسألة، فمكث ﵇ ساعة ثم أجابه عنها، فقال اليهودي: ولم توقفت فيما علمت؟ قال: توقيرا للحكمة. وقيل: من إمارة الحكيم التروّي في الجواب بعد استيعاب الفهم. وقيل: من علامة الحمق سرعة الجواب وطول التمنّي والاستغراب في الضحك. وقال رجل لإياس ليس فيك عيب غير أنّك تعجل بالجواب، فقال: كم أصبع في يدك؟ فقال: الرجل خمس، فقال: لقد عجلت أيضا، فقال: هذا علم قد قبلته فقال إياس وأنا أعجل أيضا في ما قد قبلته علما. الحثّ على حسن الاستماع، والممدوح به قيل: تعلّم حسن الإستماع، كما تتعلم حسن المقال، ولا تقطع على أحد حديثا.

1 / 95