Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

Al-Khatib Al-Shirbini d. 977 AH
47

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ وَقِيلَ: إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ فَلَا، وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ فِي الْأَظْهَرِ ــ [مغني المحتاج] لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاجْتِهَادِ فِي هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ اهـ. وَفِيمَا قَالَهُ كَمَا قَالَ الْجَلَالُ الْبَكْرِيُّ نَظَرٌ، وَإِنْ كُنْتُ جَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الطَّاهِرِ بِيَقِينٍ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ، وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الِاجْتِهَادِ فَمَطْلُوبُ التَّرْكِ كَيْفَ يُوصَفُ بِوُجُوبِهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَابِسُ الْخُفِّ الْأَفْضَلُ لَهُ الْغَسْلُ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ. قُلْتُ: لَمْ يُخْتَلَفْ هُنَاكَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَسْلِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَالِاجْتِهَادُ وَالتَّحَرِّي وَالتَّآخِي فِي بَذْلِ الْجَهْدِ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ. وَالْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا هُوَ الطَّاقَةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤] [الْجِنُّ] . وَقَالَ الشَّاعِرُ: [الْخَفِيفُ] فَتَحَرَّيْت أَحْسَبُ الثَّغْرَ عِقْدًا ... لِسُلَيْمَى وَأَحْسَبُ الْعِقْدَ ثَغْرًا فَلَثَمْت الْجَمِيعَ قَطْعًا لِشَكِّي ... وَكَذَا فِعْلُ كُلِّ مَنْ يَتَحَرَّى (وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ) أَيْ: طَهُورِيَّتَهُ بِأَمَارَةٍ كَاضْطِرَابٍ أَوْ رَشَاشٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوْ قُرْبِ كَلْبٍ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَةُ هَذَا، وَطَهَارَةُ غَيْرِهِ، وَلَهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِذَوْقِ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْهُ ذَوْقُ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ ذَوْقُ النَّجَاسَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ نَعَمْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَوْقُ الْإِنَاءَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَصِيرُ مُتَيَقَّنَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ فَلَوْ هَجَمَ وَأَخَذَ أَحَدَ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ وَتَطَهَّرَ بِهِ لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ، وَإِنْ وَافَقَ الطَّهُورَ بِأَنْ انْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ لِتَلَاعُبِهِ (وَقِيلَ: إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ) أَيْ: طَهُورٍ (بِيَقِينٍ) كَأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ فِي صَحْرَاءَ فِي اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ كَمَنْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ، «وَقَالَ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا كَانَ طَلَبُهُ لَهَا فِي غَيْرِهَا عَبَثًا وَبِأَنَّ الْمَاءَ مَالٌ، وَفِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ مَعَ إمْكَانِهَا بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ، وَعَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: عَلَى طَاهِرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ أَحَدَ الْمُشْتَبَهَيْنِ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ (وَالْأَعْمَى) فِي الِاجْتِهَادِ فِيمَا ذُكِرَ (كَبَصِيرٍ فِي الْأَظْهَرِ)؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ الْأَمَارَةَ بِاللَّمْسِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الذَّوْقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ الِاسْتِمَاعِ كَاضْطِرَابِ الْغِطَاءِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَوَاسَّ الَّتِي يُدْرِكُ بِهَا ذَلِكَ

1 / 131