363

Mughni al-muḥtāj ilā maʿrifat maʿānī alfāẓ al-minhāj

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Editor

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ، وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ، أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى، أَوْ عَاصٍ. وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي لَا لِلْمُبْتَلَى.
ــ
[مغني المحتاج]
مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا فَفِي كَرَاهَتِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا لِغَرَضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْقِرَاءَةِ غَرَضٌ سِوَى السُّجُودِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا قَطْعًا. اهـ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّجْدَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) لِأَنَّ سَبَبَهَا لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ، فَلَوْ سَجَدَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ) أَيْ حُدُوثِ (نِعْمَةٍ) كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) كَنَجَاةٍ مِنْ حَرِيقٍ أَوْ غَرَقٍ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ إذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ ﷺ قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ، فَسَجَدْتُ شُكْرًا لِرَبِّي» . وَخَرَجَ بِالْحُدُوثِ الِاسْتِمْرَارُ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمُرِ فِي السُّجُودِ، وَقَيَّدَ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمُهَذَّبِ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ النِّعْمَةَ وَالنِّقْمَةَ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ، وَقَيَّدَهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِي الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٣] أَيْ يَدْرِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِيهِ وَأَنْ لَا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
وَهَذَا أَوْجَهُ؛ وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ أَصْلِهِ (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) فِي بَدَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَشُكْرِ اللَّهِ عَلَى سَلَامَتِهِ (أَوْ) رُؤْيَةِ (عَاصٍ) يَجْهَرُ بِمَعْصِيَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَفْسُقُ بِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ عَنْ الْحَاوِي؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدِّينِ أَشَدُّ مِنْهُمَا فِي الدُّنْيَا. قَالَ ﷺ «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا» فَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَافِرِ أَوْلَى، وَلَوْ حَضَرَ الْمُبْتَلَى أَوْ الْعَاصِي فِي ظُلْمَةٍ أَوْ عِنْدَ أَعْمَى، أَوْ سَمِعَ صَوْتَهُمَا سَامِعٌ وَلَمْ يَحْضُرَا، فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُهَا أَيْضًا (وَيُظْهِرُهَا) أَيْ السَّجْدَةَ (لِلْعَاصِي) الْمُتَجَاهِرِ بِمَعْصِيَتِهِ الَّتِي يَفْسُقُ بِهَا إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَهُ تَعْيِيرًا لَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَعْصِيَتِهِ أَوْ لَمْ يَفْسُقْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَلَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَتِهِ، أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا فَلَا يُظْهِرُهَا لَهُ، بَلْ يُخْفِيهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِي مَعْنَى الْفَاسِقِ: الْكَافِرُ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَظْهَرَهَا لَهُ، قَالَهُ

1 / 447