256

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ: النِّيَّةُ
ــ
[مغني المحتاج]
[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
(بَابُ صِفَةِ) أَيْ كَيْفِيَّةُ (الصَّلَاةِ) وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ هُنَا، وَعَلَى شُرُوطٍ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْآتِي وَأَبْعَاضٍ وَهِيَ السُّنَنُ الْمَجْبُورَةُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَهَيْئَاتٍ وَهِيَ السُّنَنُ الَّتِي لَا تُجْبَرُ، وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا كَالطُّهْرِ وَالسَّتْرِ، وَالرُّكْنُ: مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَخَرَجَ بِتَعْرِيفِ الشَّرْطِ التُّرُوكُ كَتَرْكِ الْكَلَامِ فَلَيْسَتْ بِشُرُوطٍ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ، وَقِيلَ: إنَّهَا شُرُوطٌ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمُقْرِي كَأَصْلِهِ فِي بَابِ شَرْطِ الصَّلَاةِ، وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَضَرَّ.
فَإِنْ قِيلَ تَعْرِيفُ الشَّرْطِ بِمَا ذَكَرَ يُخْرِجُ التَّوَجُّهَ لِلْقِبْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا عُرْفًا، إذْ يُقَالُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ إنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا لَا مُنْحَرِفٌ عَنْهَا مَعَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا بِبَعْضِ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا، وَذَلِكَ كَافٍ.
فَائِدَةٌ قَدْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ، فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ، وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ، وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ، وَالْهَيْئَاتُ كَشَعْرِهِ (أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ كَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ، وَجَعَلَهَا فِي التَّنْبِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَزَادَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَنِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَجَعَلَهَا فِي التَّحْقِيقِ وَالرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ لَا تَجِبُ، وَجَعَلَهَا فِي الْحَاوِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَزَادَ الطُّمَأْنِينَةَ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهَا فِي الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ، فَمَنْ لَمْ يَعُدَّ الطُّمَأْنِينَةَ رُكْنًا جَعَلَهَا فِي كُلِّ رُكْنٍ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَكَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِرُكْنٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَبِهِ يُشْعِرُ خَبَرُ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ» الْآتِي، وَمَنْ عَدَّهَا أَرْكَانًا فَذَاكَ لِاسْتِقْلَالِهَا، وَصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ وَنَحْوِهِ بِدُونِهَا، وَجُعِلَتْ أَرْكَانًا لِتَغَايُرِهَا بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا، وَمَنْ جَعَلَهَا رُكْنًا وَاحِدًا فَلِكَوْنِهَا جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا عَدُّوا السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا لِذَلِكَ.
الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا، فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ، وَقِيلَ: هِيَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ، فَتَكُونُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: هِيَ بِالشَّرْطِ أَشْبَهُ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ افْتَتَحَ النِّيَّةَ مَعَ مُقَارَنَةِ مُفْسِدٍ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَتَمَّتْ بِلَا مَانِعٍ. إنْ قُلْنَا: إنَّهَا رُكْنٌ لَمْ تَصِحَّ، أَوْ شَرْطٌ صَحَّتْ، وَفِيهَا كَلَامٌ لِلرَّافِعِيِّ ذَكَرْتُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] [الْبَيِّنَةُ] قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ:

1 / 340