Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
وَكُسُوفٍ، وَتَحِيَّةٍ، وَسَجْدَةِ شُكْرٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
يُدَاوِمَ عَلَيْهَا وَيَجْعَلَهَا وِرْدًا (وَ) صَلَاةُ (كُسُوفٍ) وَاسْتِسْقَاءٍ وَطَوَافٍ (وَتَحِيَّةٍ) وَسُنَّةِ وُضُوءٍ (وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) وَتِلَاوَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ كَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَبَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُقَارِنٌ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ، وَلِأَنَّ نَحْوَ الْكُسُوفِ وَالتَّحِيَّةِ مُعَرَّضٌ لِلْفَوَاتِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّهُ سَجَدَ سَجْدَةً لِلشُّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ " وَفِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ ﷺ قَالَ لِبِلَالٍ: حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي مِنْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطَّهُورِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» (١) وَالدَّفُّ: صَوْتُ النَّعْلِ وَحَرَكَتُهُ عَلَى الْأَرْضِ أَمَّا مَا لَهُ سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ كَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِخَارَةَ وَالْإِحْرَامَ سَبَبُهُمَا مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا.
وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، أَوْ إلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ، وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا، وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَتَحَرَّ بِهِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ لِيُوقِعَهَا فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ، أَوْ الْجِنَازَةِ لِيُوقِعَهَا فِيهِ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ، أَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ لِيَسْجُدَهَا فِيهِ، وَلَوْ قَرَأَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» (٢) .
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي - كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ - أَنْ يَكُونَ الْمَكْرُوهُ الدُّخُولَ لِغَرَضِ التَّحِيَّةِ وَتَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَمَّا فِعْلُهَا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِأَنْ فَاتَتْهُ عَمْدًا، بَلْ الْعَصْرُ الْمُؤَدَّاةُ تَأْخِيرُهَا لِتُفْعَلَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ، وَلَا نَقُولُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ إنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ بَلْ وَاجِبٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَالْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْمُؤَدَّاةُ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا، بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَكَوْنُهَا قَدْ تَجِبُ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ مُرَاغِمٌ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضِي عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا.
وَأَمَّا مُدَاوَمَتُهُ ﷺ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهَا.
أَمَّا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا لِغَرَضِ التَّحِيَّةِ، أَوْ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّحِيَّةِ أَوْ لِغَرَضِهِمَا فَلَا تُكْرَهُ، بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» (٣) فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ النَّهْيِ.
فَإِنْ قِيلَ: خَبَرُ النَّهْيِ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ خَاصٌّ فِي الْأَوْقَاتِ، وَخَبَرُ التَّحِيَّةِ بِالْعَكْسِ فَلِمَ رُجِّحَ تَخْصِيصُ خَبَرِ النَّهْيِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِمَا مَرَّ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ
1 / 311