Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لِأَسْبَابٍ: أَحَدُهَا: فَقْدُ الْمَاءِ
ــ
[مغني المحتاج]
وَشَرْعًا: إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُمَا بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ قَالَ: وَالرُّخْصَةُ إنَّمَا هِيَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ إنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَعَزِيمَةٌ أَوْ لِعُذْرٍ فَرُخْصَةٌ، وَمَنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ لِفَقْدِ الْمَاءِ، فَإِنْ قُلْنَا: رُخْصَةٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] أَيْ تُرَابًا طَهُورًا، وَقِيلَ تُرَابًا حَلَالًا، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» (١) وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْآتِي بَعْضُهَا فِي الْبَابِ (يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ) وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَمَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ ﷺ صَلَّى ثُمَّ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟، فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، فَقَالَ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» (٢) وَفِيهِمَا عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» (٣) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى تَمَعَّكْتُ تَدَلَّكْتُ، وَفِي رِوَايَةٍ تَمَرَّغْتُ، وَهُوَ بِمَعْنَى تَدَلَّكْت اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ تَمَعَّكْتُ بِتَمَرَّغْت إذْ هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً، وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ " فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ " وَخَرَجَ بِالْمُحْدِثِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ وُرُودِهَا، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُحْدِثِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ.
قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ: ذِكْرُهُ الْجُنُبَ بَعْدَ الْمُحْدِثِ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ اهـ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَحَلُّ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْمَأْمُورُ بِغُسْلٍ مَسْنُونٍ كَغُسْلِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِوُضُوءٍ مَسْنُونٍ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغُسْلِ وَكَذَا الْمَيِّتُ يَتَيَمَّمُ كَمَا سَيَأْتِي (لِأَسْبَابٍ) جَمْعُ سَبَبٍ يَعْنِي لِوَاحِدٍ مِنْ أَسْبَابٍ. وَالسَّبَبُ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَالْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ فِي الْحَقِيقَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَلِلْعَجْزِ أَسْبَابٌ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا قَدَّرْتُهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ، وَلَكِنِّي ذَكَرْتُهُ تَشْحِينًا لِلذِّهْنِ (أَحَدُهَا: فَقْدُ الْمَاءِ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، فَمِنْ الْفَقْدِ
1 / 245