155

Mughni al-muḥtāj ilā maʿrifat maʿānī alfāẓ al-minhāj

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Editor

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

وَمَا نَجُسَ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ كَلْبٍ غُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ
ــ
[مغني المحتاج]
أَكْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» (١) فَإِنْ قِيلَ: يَرِدُ عَلَى حَصْرِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمِسْكُ وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ، فَإِنَّهَا كَانَتْ دَمًا نَجِسَ الْعَيْنِ وَصَارَتْ طَاهِرَةً.
أُجِيبَ بِأَنَّ أَصْلَهَا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ مَا دَامَ فِي الْجَوْفِ وَمَا لَمْ يَتَّصِلْ بِخَارِجٍ، وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا: كَدَمِ بَيْضَةٍ اسْتَحَالَ فَرْخًا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَلَوْ كَانَ دُودَ كَلْبٍ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا تَطْرَأُ بِزَوَالِهَا وَلِأَنَّ الدُّودَ مُتَوَلِّدٌ فِيهِ لَا مِنْهُ، وَلَوْ صَارَ الزِّبْلُ الْمُخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ عَلَى هَيْئَةِ التُّرَابِ لِطُولِ الزَّمَانِ لَمْ يَطْهُرْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إمَّا مُغَلَّظَةٌ، أَوْ مُخَفَّفَةٌ، أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا فَقَالَ (وَمَا نَجُسَ) مِنْ جَامِدٍ وَلَوْ بَعْضًا مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ كَلْبٍ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ لُعَابُهُ وَبَوْلُهُ وَسَائِرُ رُطُوبَاتِهِ وَأَجْزَائِهِ الْجَافَّةِ إذَا لَاقَتْ رَطْبًا (غُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ) فِي غَيْرِ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ (بِتُرَابٍ) طَهُورٍ يَعُمُّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَكُونَ قِدْرًا يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَزْجِهِ بِالْمَاءِ إمَّا قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا وَلَوْ مُرَتَّبَيْنِ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحَلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمَزْجِ قَبْلَ الْوَضْعِ عَلَى الْمَحَلِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ ﷺ: إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ ": أَيْ بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ ". وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا التِّرْمِذِيُّ " أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ ": وَبَيْنَ رِوَايَتَيْ مُسْلِمٍ تَعَارُضٌ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ، وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ " إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ "، فَنَصَّ عَلَى اللُّعَابِ وَأَلْحَقَ بِهِ مَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ لُعَابَهُ أَشْرَفُ فَضَلَاتِهِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ نَجَاسَتُهُ فَغَيْرُهُ مِنْ بَوْلٍ وَرَوْثٍ وَعَرَقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْلَى، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ غَيْرَ لُعَابِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ اقْتِصَارًا عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقِيَاسِ، وَإِذَا لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِسِتِّ غَسَلَاتٍ مَثَلًا حُسِبَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهَا سِتٌّ وَإِنْ قَوَّاهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ نَحْوِ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ.
فَرْعٌ: حَمَّامٌ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يُعْهَدْ تَطْهِيرُهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَانْتَشَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى حُصْرِ الْحَمَّامِ وَفُوَطِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمَا تُيُقِّنَ إصَابَةُ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، وَيَطْهُرُ الْحَمَّامُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. إحْدَاهُنَّ بِطَفْلٍ مِمَّا يُغْتَسَلُ بِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّفْلَ يَحْصُلُ بِهِ التَّتْرِيبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالٍ دَاخِلِيَّةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا فِي

1 / 239