128

Mughni al-muḥtāj ilā maʿrifat maʿānī alfāẓ al-minhāj

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Editor

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

بَابُ الْغُسْلِ مُوجِبُهُ مَوْتٌ، وَحَيْضٌ وَنِفَاسٌ، وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ،
ــ
[مغني المحتاج]
[بَابُ الْغُسْلِ]
(بَابُ الْغُسْلِ) هُوَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ غَسَلَ الشَّيْءَ غَسْلًا، وَالْغِسْلُ بِالْكَسْرِ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ وَخِطْمِيٍّ. وَالْغُسْلُ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِلِاغْتِسَالِ، وَاسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ، فَيَجُوزُ فِي التَّرْجَمَةِ فَتْحُ الْغَيْنِ وَضَمُّهَا، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّهْذِيبِ، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ إنَّمَا تَسْتَعْمِلُهُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ لُغَةً: سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا، وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ مَعَ النِّيَّةِ (مُوجِبُهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ خَمْسَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَائِزِ، فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا لَكِنْ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ السِّقْطُ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَاتُ حَيَاتِهِ وَظَهَرَ خَلْقُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْمَوْتِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ فِي تَعْرِيفِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ: عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك: ٢] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَرٌ، وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ. فَإِنْ قِيلَ: عَدَمُ الْمَوْتِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْغُسْلَ وَلَوْ مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ النِّيَّةِ لَزِمَ أَنْ يَعُدُّوا مَنْ تَنَجَّسَ جَمِيعُ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ وَاشْتَبَهَ وَلَمْ يَعُدُّوهُ، وَإِنْ أُرِيدَ الْغُسْلُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ لَزِمَ خُرُوجُ الْمَيِّتِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي غُسْلِهِ نِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ.
أُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ، وَالْكَلَامُ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ، فَخَرَجَ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، وَدَخَلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ عَلَى رَأْيِ أَنَّهُ عَنْ حَدَثٍ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَمُنِعَ عَدُّ تَنَجُّسِ الْبَدَنِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ: إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ كَشْطُ جِلْدِهِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ (
وَ) ثَانِيهَا (حَيْضٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ الْحَيْضِ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ ﷺ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» (١) (
وَ) ثَالِثُهَا: (نِفَاسٌ)؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالتَّحْقِيقِ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَنَابَةٌ بِدُخُولِ حَشَفَةٍ إلَخْ أَنَّ الْمُوجِبَ الْإِيلَاجُ أَوْ الْإِنْزَالُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ لِهَذَا الْخِلَافِ ثَمَرَةٌ فِقْهِيَّةٌ؟
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: نَعَمْ، وَهِيَ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَجَبَ عَلَيْكِ غُسْلٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَذَكَرَ لَهُ فَوَائِدَ أُخَرَ لَكِنْ عَلَى ضَعْفٍ.
وَرَابِعُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا وِلَادَةٌ) وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً (بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ، وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ

1 / 212