وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَعنُ المُؤمِنِ كَقَتلِهِ.
وَفِيهَا: وَمَنِ ادَّعَى دَعوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا، لَم يَزِدهُ اللهُ إِلاَّ قِلَّةً، وَمَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبرٍ فَاجِرَةٍ.
ــ
أفقدَهُ معنًى، فإثمه أخفُّ منه، لكنَّهما قد اشتَرَكَا في مطلَقِ الإثمِ، فصدَقَ عليه أنَّه مِثلُهُ، والله أعلم.
و(قوله: وَمَنِ ادَّعَى دَعوَى كَاذِبَةً (١) لِيَتَكَثَّرَ بِهَا، لَم يَزِدهُ اللهُ إِلاَّ قِلَّةً، يعني - والله أعلم -: أَنَّ مَن تظاهَرَ بشيء مِنَ الكمال، وتعاطاه، وادَّعَاهُ لنفسه، وليس موصوفًا به، لم يَحصُل له مِن ذلك إلاَّ نقيضُ مقصودِهِ، وهو النقص: فإن كان المُدَّعَى مالًا، لم يبارَك له فيه، أو علمًا، أظهَرَ اللهُ جَهلَهُ، فاحتقَرَهُ الناس، فقَلَّ مقدارُهُ عندهم.
وكذلك لو ادَّعَى دِينًا أو نَسَبًا أو غَيرَ ذلك، فضَحَهُ اللهُ، وأظهَرَ باطلَهُ؛ فقَلَّ مقدارُهُ، وذَلَّ في نفسه؛ فحصَلَ على نقيضِ قصده؛ وهذا نحو قوله ﵊: مَن أَسَرَّ سَرِيرَةً، أَلبَسَهُ اللهُ رِدَاءَهَا، ونحو منه قولُهُ تعالى: وَيُحِبُّونَ أَن يُحمَدُوا بِمَا لَم يَفعَلُوا وقولُهُ ﵊: المُتَشَبِّعُ بِمَا لَم يُعطَ كَلاَبِسِ ثَوبَي زُورٍ (٢).
وفائدةُ الحديث: الزجرُ عن الرياءِ وتعاطيه، ولو كان بأمورِ الدنيا.
و(قوله: وَمَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبرٍ فَاجِرَةٍ) كذا صحَّتِ الروايةُ في أصلِ كتابِ مسلم لهذا الكلام، مقتصرًا على ذكر جملة الشرط مِن غير ذكرِ جملةِ الجزاء؛ فَيَحتمِلُ: أن سكَتَ عنه؛ لأنَّه عطفَهُ على مَن التي قبلها، فكأنَّه قال: ومن حلف يمينًا فاجرة، كان كذلك، أي: لم يَزِدهُ اللهُ بها إلاَّ قِلَّةً؛ قاله القاضي عِيَاض.
قال المؤلف ﵀: ويَحتمِلُ: أن يكونَ الجزاءُ محذوفًا، ويكونَ تقديره: مَن فعَلَ ذلك، غَضِبَ اللهُ عليه، أو عاقَبَهُ، أو نحو ذلك؛ كما جاء في
(١) ساقط من (ع).
(٢) رواه مسلم (٢١٣٠)، والنسائي في السنن الكبرى (٨٩٢٠) من حديث عائشة ﵂.