وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عَن مُعَاذٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله ﷺ فَقَالَ: إِنَّكَ تَأتِي قَومًا مِن أهل الكِتَابِ، فَادعُهُم إِلَى شَهَادَةِ أَن لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِن هُم أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعلِمهُم أَنَّ اللهَ افتَرَضَ. . . وَذَكَرَ الحَدِيثَ نَحوَهُ، وَزَادَ: وَاتَّقِ دَعوَةَ المَظلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ بَينَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ.
رواه أحمد (١/ ٢٣٣)، والبخاري (١٤٥٨) و(٤٣٤٧) و(٧٣٧١)، ومسلم (١٩)، وأبو داود (١٥٨٤)، والترمذي (٦٢٥)، والنسائي (٥/ ٥٢ و٥٥)، وابن ماجه (١٧٨٣).
* * *
ــ
للمُصَدِّقِ أخذُهَا منه، ولو أن المُصَدِّقُ رأى أن يَأخُذَ مَعِيبَةً على وجه النظر والمصلحةِ للفقراء جاز.
و(قوله: وَاتَّقِ دَعوَةَ المَظلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ بَينَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ) الروايةُ الصحيحة في فإنَّه بضمير المذكَّر؛ على أن يكونَ ضميرَ الأمر والشأن، ويَحتملُ: أن يعودَ على مذكَّرِ الدعوة؛ فإنَّ الدعوةَ دعاءٌ.
ووقع في بعض النسخ: فإنَّها بهاء التأنيث، وهو عائدٌ على لفظ الدعوة. ويستفادُ منه: تحريمُ الظُّلمِ، وتخويفُ الظالم، الدعاء للمظلوم عليه، والوَعدُ الصِّدقُ بأنَّ الله تعالى يستجيبُ للمظلومِ فيه، غيرَ أنَّهُ قد تعجِّلُ الإجابةَ فيه، وقد يؤخِّرها إملاءً للظالم؛ كما قال ﵊: إِنَّ اللهَ يُملِي للِظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَم يُفلِتهُ (١)، ثُمَّ قرأ: وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ، وكما قد رُوِيَ عن النبي ﷺ أنه قال: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَرفَعُ دَعوَةَ المَظلُومِ عَلَى الغَمَامِ، وَيَقُولُ لَهَا: لَأَنصُرَنَّكِ وَلَو بَعدَ حِينٍ (٢).