. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإنسان ما كان ظاهرًا من أمره، ولمَّا كانت ظاهرةً في وجهه، نسَبَهُ إليها كُلُّ من كان رآه منه؛ فغلب عليه ذلك، ولو كانت في ساقه، لَمَا غلَبَ عليه ذلك، والله أعلم. وأصلُ الشَّجِّ القطعُ والشَّقُّ؛ ومنه قولهم: شَجَّتِ السفينةُ البحرَ؛ أي: شَقَّتهُ، وشَجَجتُ المفازة: قطعتُهَا؛ قال الشاعر:
تَشُجُّ بِيَ العَوجَاءُ كُلَّ تَنُوفَةٍ ... كَأَنَّ لَهَا بَوًّا بِنِهيٍ تُغَاوِلُه (١)
وتعريف النبي ﷺ بحالِ ذلك الرجل يَدُلُّ على أنَّه عَرَفَهُ بعينه؛ غير أنه لم يواجههُ بذلك؛ حُسنَ عِشرةٍ منه ﷺ على مقتضى كَرَمِ خُلُقه؛ فإنّهُ كَانَ لاَ يُوَاجِهُ أَحَدًا بِمَا يَكرُهُه.
وإنَّما خَصَّ النبيُّ ﷺ هذه الأربعَ الأواني بالذكر؛ لأنها أغلب أوانيهم، ويلحق بها في النهي ما كان في معناها؛ كأواني الزُّجَاج، والحديد، والنُّحَاس، وغير ذلك مما تعجِّل الإسكار؛ بدليل قوله ﵊ في جواب قولهم: فِبمَ نَشرَبُ يَا رسولَ الله؟ فَقَالَ: في أَسقِيةِ الأَدَمِ، وبدليلِ قوله في حديث بُرَيدَةَ: وكُنتُ نَهَيتُكُم عَنِ النَّبِيذِ إِلاَّ فِي سِقَاءٍ، ولأنَّ ما عدا تلك الأربعَ في معناها، فَيُلحَقُ بها على طريقة نَفيِ الفارق، والله أعلم.
* * *