51

Mudkhal Kabir

Genres

الصنف التاسع وأما الصنف التاسع وهم العامة فهم في رد علم الأحكام على صنفين أما أحد الصنفين فإنهم لا يعرفون فضيلة علم الأحكام ولا فضيلة سائر العلوم ولا فضيلة تقدمة المعرفة بالأشياء وأفضل الناس عندهم من كان أكثرهم مالا ويكون حظ المال عندهم أكثر من حظ العلم ويقولون إن الإنسان إذا كان غنيا ذا مال فإنه لا يضره إن يكون جاهلا بعلم النجوم والطب وبسائر العلوم فقاسوا قياسا فاسدا لأنهم قاسوا العلم بالمال وهذا قياس خطاء لأن الشيء ئنما إنما يقاس بجنسه كالعلم بالعلم والمال بالمال ولا يقاس الشيء ئلى إلى غير جنسه ولا يقاس إذا المال بالعلم ولولا أن هذا شيء يسمعه من العامة كثيرا يغيرون به أصحاب العلوم لكان ينبغي لنا أن لا نشغل أنفسنا بالفكرة في قولهم إلا أنا قد تلطفنا في رد قولهم بأن قلنا إن المال والجدة قد يتهيأ للجاهل وللعاقل وللقوي وللضعيف وليس الإنسان بمحمود على ما تهيأ له من ذلك لأن هذا لم يتهيأ له بعلمه ولا بجهله ولا بقوته ولا بضعفه وإنما يحمد الإنسان على التمييز والعلم لأن فضل الإنسان على سائر الحيوان إنما هو بالتمييز الذي فيه بآلة العقل ومعرفته بالأشياء التي كانت والتي تكون فكلما ازداد الإنسان معرفة بما ذكرنا ازداد من البهيمة تباعدا بما فيه من المعرفة وتقدمة العلم بالأشياء الكائنة وكلما قلت معرفته ازداد من البهيمة قربا بما فيه من قلة التمييز ولولا فضيلة العلم والتمييز لما كان للإنسان فضل على البهائم لأنها كلها تشترك في الأكل والشرب والتناسل فإنما فضل الإنسان على سائر الحيوان بالعقل والتمييز فمن كان من الناس أوفر عقلا وأكثر علما فهو أفضل في الإنسانية من غيره فحظ العلم والتمييز في معنى الإنسانية أفضل من حظ المال وأفضل ما في الإنسان معرفته بالأشياء الكائنة وأكثر ما يكون هذا في علم صناعة أحكام النجوم فحظ علم النجوم وسائر العلوم في معنى الإنسانية أفضل من حظ المال

Page 144