عزيزي رئيس الوزراء
تلقيت أمس رسالة سرية شخصية من وزير الخارجية المستر جيمس بيرنز، يطلب إلي أن ألتمس مقابلة صاحب الجلالة الملك، وأن أفضي إلى جلالته بطريقة غير رسمية باهتمام حكومة الولايات المتحدة بكافة مسائل الدفاع عن الشرق الأوسط، وأمن البلاد العربية. أما وقد تعذر لجلالته استقبالي نظرا لضيق الوقت وسفره، فقد أنبأني القصر أن جلالة الملك يرحب بأن أفضي برسالتي إليه كتابة.
ورغب وزير الخارجية إلي في أن أبلغ جلالته أنه نظرا للصداقة، التي تشعر بها حكومتي نحو مصر وبريطانيا العظمى، واهتمامها البالغ برفاهية كل شعوب الشرق الأوسط، فهي تتابع عن كثب تقدم المفاوضات بين بريطانيا ومصر، وأن حكومتي وهي تعبر عن رغبتها في نجاح هذه المفاوضات، تأمل أنه ما زال ممكنا أن تنتهي بطريقة تكفل لمصر الضمانات المرضية لسيادتها التامة، دون أن تخاطر في سبيل ذلك بالقضاء على أمن الشرق الأوسط، أو تضعف الدفاع عن هذه المنطقة ضد اعتداء محتمل الوقوع.
هذا وقد أبلغتني حكومتي في هذا الشأن أن أوضح بجلاء أن الولايات المتحدة، تعتبر أمن الشرق الأوسط كله مسألة ذات أهمية أساسية بالنسبة لأمنها خاصة.
وفي الختام كلفت أن أنهي لدولتكم أن حكومتي مقتنعة بأن الحكومة البريطانية الحالية، ترغب رغبة صادقة في الوصول إلى حل لمسألة أمن الشرق الأوسط حلا، يمكن البلاد الواقعة في تلك المنطقة من التمتع باستقلال غير مقيد؛ استقلال لا يفضي في نفس الوقت إلى خلق موقف، من شأنه أن يشجع وقوع اعتداء من الخارج.
وإني أرجو دولتكم أن ترفعوا إلى جلالته في أنشاص بطريق الاستعجال، المعلومات التي احتوتها رسالتي هذه، وهي في واقع الأمر ما تلقيته من وزير الخارجية.
ردي على وزير الخارجية الأمريكية
هذه هي الرسالة التي بعث بها وزير أميركا المفوض في 27 مايو سنة 1946؛ لأرفع مضمونها إلى جلالة الملك، وهي تنم عن تأييد إنجلترا في موقفها حيال المسألة المصرية، وتشددها في المفاوضات خوفا من الخطر الروسي على الشرق الأوسط، وقد رددت على رسالة وزير أميركا برسالة أسجل نصها فيما يأتي:
إن الرسالة التي سلمها سعادة وزير الولايات المتحدة إلى رئيس الوزراء لرفعها إلى حضرة صاحب الجلالة الملك، قد لقيت كل العناية من قبل العرش والحكومة ...
وليس مبعث الاهتمام الذي تثيره هذه الرسالة أنها تتعلق بمفاوضات ذات أهمية حيوية لمصر فحسب؛ بل لأن الأمر يتعلق أيضا بتوسط الولايات المتحدة، ومصر تعلق عليها دائما أكبر الآمال، لما عرف عنها من البعد عن الأنانية والسمو في أغراض سياستها الخارجية ...
Unknown page