وعادت تقول وهي تسترق نظرة حنونا رقيقة إلى ضيفها: «هل أنت واثق حقا؟»
وأجاب المستر ونكل: «كل الثقة.»
وانتهى الإفطار في صمت؛ لأن كل إنسان منهم كان يفكر في أمره وهمه، فكانت مسز بت متأسفة على فراق حبيب، والمستر بت على تهوره في التعهد بضرب رئيس تحرير الإنديبندنت بالسوط، والمستر ونكل على وضع نفسه بسذاجة وسلامة نية في موطن حرج.
واقترب الظهر، وبعد عدة توديعات ووعود بالإياب، انفلت المستر ونكل لا يلوي على شيء.
وقال المستر بت في نفسه، وهو يدخل المكتب الصغير الذي يعد فيه «صواعقه»: «سأدس السم له لو رجع!»
وجعل المستر ونكل يقول وهو منطلق في طريقه إلى فندق «بيكوك»: «لو عدت واختلطت بهؤلاء القوم مرة أخرى، لكنت أنا المستحق أن أضرب بالسياط، هذا هو كل ما في الأمر.»
وكان صديقاه على الأهبة، وكانت المركبة تستعد هي أيضا، فلم يمض نصف ساعة حتى انطلقوا في رحلتهم على الطريق ذاته الذي اجتازه المستر بكوك وسام في سفرتهما الأخيرة، التي قلنا من قبل شيئا عنها، ونعتقد أننا مطالبون بأن نقتطف ذلك الوصف الشعري الجميل الذي وصفها به المستر سنودجراس في مذكراته.
وكان المستر ولر واقفا بباب فندق «أنجل» على استعداد لاستقبالهما، فلما وصلوا أدخلهم على المستر بكوك، ولشد ما كانت دهشة المستر ونكل والمستر سنودجراس، بل لشد ما كان ارتباك المستر طبمن حين وجدا المستر واردل والمستر تراندل معه.
وقال الشيخ وهو يتناول يد المستر طبمن: «كيف أنت؟ لا تتراجع، ولا تبد منفعلا مضطرب العاطفة على هذا النحو؛ فليس في ذلك الأمر حيلة يا صاح، لوددت من أجلها هي لو أنك ظفرت بها، ولكني مغتبط لأنك لم تظفر بها، وهذا خير لك، إن شابا مثلك واجد خيرا من ذلك في يوم من الأيام.»
وبهذه المواساة ألقى المستر واردل يده على ظهر المستر طبمن، وأرسل من أعماق صدره ضحكة مجلجلة.
Unknown page